(وَظَنَ) وعلم المحتضر (أَنَّهُ الْفِراقُ) أنّ الّذي نزل به فراق الدنيا المحبوبة من أجل الأهل والولد والمال. وجاء في الحديث : «أنّ العبد ليعالج كرب الموت وسكراته ، ومفاصله يسلّم بعضها على بعض ويقول : عليك السّلام تفارقني وأفارقك إلى يوم القيامة».
(وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) والتوت ساقه بساقه عند علز الموت (١) ، فلا يزال يمدّ إحدى رجليه ويرسل الأخرى ، ويلفّ إحداهما بالأخرى ، فلا يقدر على تحريكهما.
وقال قتادة : ماتت رجلاه فلا تحملانه ، وقد كان عليهما جوّالا.
وعن ابن عبّاس : التوت شدّة فراق الدنيا بشدّة خوف الآخرة ، فإنّ الساق مثل في الشدّة.
وعن سعيد بن المسيّب : هما ساقاه حين تلفّان في أكفانه.
(إِلى رَبِّكَ) إلى حكمه (يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) سوقه ، أو موضع سوقه. وقيل : يسوق الملك بروحه إلى حيث أمر الله تعالى به ، إن كان من أهل الجنّة فإلى علّيّين ، وإن كان من أهل النار فإلى سجّين.
(فَلا صَدَّقَ) ما يجب تصديقه ، من التوحيد والرسالة والبعث. أو فلا صدّق ماله ، بمعنى : فلا زكّاه. (وَلا صَلَّى) ما فرض عليه. والضمير فيهما للإنسان المذكور في (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ) (٢). وقيل : نزلت في أبي جهل.
(وَلكِنْ كَذَّبَ) بالله ورسوله (وَتَوَلَّى) عن الطاعة (ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) يتبختر في مشيه افتخارا بذلك. من المطّ بمعنى المدّ ، فإنّ المتبختر يمدّ خطاه. فيكون أصله : يتمطّط ، بمعنى : يتمدّد. أو من المطا ، وهو الظهر ، فإنّه يلويه.
__________________
(١) علز الموت : القلق والهلع اللّذان يأخذان المحتضر ، أو هو كالرعدة تأخذه.
(٢) القيامة : ٣٦.