ثم وصف سبحانه نفسه بجليل الصفات ، التي هى سر العظمة والجلال ، لخالق الأرض والسموات فقال :
(هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) أي إنه لا ربّ غيره ، ولا إله فى الوجود سواه ، فكل ما يعبد من دونه من شجر أو حجر أو صنم أو ملك فهو باطل ، وهو يعلم جميع الكائنات الشاهدة لنا والغائبة عنا ، ولا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السموات ، وهو ذو الرحمة الواسعة الشاملة لجميع المخلوقات ، فهو رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما.
(هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) أي هو الله المالك لجميع الأشياء ، المتصرف فيها بلا ممانعة ولا مدافعة ، المنزه عن كل عيب ونقص ، الذي أمن خلقه أن يظلمهم ، وهو الرقيب عليهم كما قال «وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ» وقال : «أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ» والذي عز كل شىء فقهره ، وغلب الأشياء بعظمته وجبروته ، فلا تليق الجبرية إلا له ولا التكبر إلا لعظمته كما ورد فى الصحيح : «العظمة إزارى ، والكبرياء ردائى ، فمن نازعنى واحدا منهما عذبته» تنزه ربنا عما يقوله المشركون من الصاحبة والولد فهو الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد.
(هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) أي هو الله الخالق لجميع الأشياء المبرز لها إلى عالم الوجود على الصفة التي أرادها كما قال : «فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ» ، وله الصفات الحسنى التي وصف بها نفسه لا يشركه فيها أحد سواه.
(يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) تقدم الكلام فى هذا فى مثل قوله : «تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ».