(ثالثها) التفصيل بين المجسّمة بالحقيقة أو بالتسمية بدعوى أنه جسم لا كالأجسام (١) فيحكم بالكفر في الأول ، لاستلزامه الحدوث والافتقار والتحديد لزوما بيّنا بحيث لا ينفك تصور الملزوم عن لازمه ، فهو مندرج في منكر الضروري. ولا يحكم به في الثاني ، لعدم اعتقاد النقص بما تنزه عنه ساحة الربوبيّة ، وإن أخطأ في التسمية إذ ليس هو إلا خطأ في اللغة ، ولا أقل من الشك في خروجه به عن الإسلام. ولعل هذا هو الأظهر.
ويلحق بهم (المشبهة) وهم : القائلون بأنه تعالى في جهة الفوق ، بل هم من المجسمة ، إن أرادوا اختصاصه تعالى بجهة الفوق ، كما هو ظاهر كلامهم ، وأما التوجه إلى جهة الفوق عند الدعاء والمسألة منه تعالى فهو كالتوجه إلى الكعبة عند الصلاة ، ليس من التشبيه في شيء ، وإنما المراد منه شرف الجهة ، وإلا (فَأَيْنَما تُوَلُّوا) وجوهكم (فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) ضرورة أنه تعالى لا يحويه مكان ولا يخلو منه مكان.
ويدل على كفر المشبّهة ـ مضافا الى ما عرفت ـ قول الرضا (ع) «كل من قال بالتشبيه والجبر فهو كافر مشرك» (٢).
وبالجملة ، فالمدار في الكفر على ما دار عليه العنوان الجامع : من إنكار ضروري الدين. ولذا اقتصر عليه بعض كالمحقق في (الشرائع) حيث قال : «وضابطه من خرج عن الإسلام أو انتحله وجحد ما يعلم من الدين ضرورة كالخوارج والغلاة» انتهى ، فيعم الضابط : ما كان من
__________________
(١) كما ورد عن أئمة أهل البيت (ع) : أنه شيء لا كالأشياء ـ كما في أصول الكافي.
(٢) الوسائل : كتاب الحدود والتعزيرات ، باب ١٠ من أبواب حد المرتد ، حديث (٥).