إطلاق الجواز عليه قبل القبول بالمعنى المصطلح نوع مسامحة ، إذ لا عقد بالفرض بعد حتى يتصف بالجواز. ولازم لو قبل بعده ، فليس له الرد بعد القبول إلا على القول بكون القبض شرطا للزوم ، فجائز قبله ولو بعد القبول وإنما يلزم بعده. وبالجملة ـ فهو جائز من طرف الموصي مطلقا ، ومن طرف الموصى له في الجملة.
ويدل على الأول : النصوص المستفيضة (١) والإجماع ـ بقسميه ـ ومحكيّه فوق حدّ الاستفاضة ، فله الرجوع عن الكل أو البعض ، وتغيير الوصي أو الموصى له ، وإبدال الموصى به بغيره أو العين بالمنفعة أو العكس ولو شك في الرجوع ـ ولو للشك في دلالة لفظ أو فعل عليه ـ فالأصل عدمه الحاكم على أصالة عدم الانتقال الى الموصى له ، مع كونها معارضة بمثلها بالنسبة إلى ورثة الموصي ، فيبقى الأول سليما عن المعارض ، لو لم نقل بالحكومة في أمثال ذلك من مجاري الأصول وقلنا بالتعارض بين الأصل في السبب والأصل في المسبب (٢).
ويتحقق الرجوع بأمرين : بالقول ، وبالفعل. أما الأول فيتحقق بكل لفظ دال عليه بإحدى الدلالات (٣) نحو رجعت عن وصيتي ، أو أبطلتها
__________________
(١) التي منها ـ رواية ابن مسكان : «عن أبي عبد الله (ع) قال قضى أمير المؤمنين (ع) أن المدبّر من الثلث وأن للرجل أن ينقض وصيته فيزيد فيها وينقص منها ما لم يمت» كما في الوسائل : كتاب الوصايا ، باب ١٨ من أبواب أحكام الوصايا. وغيرها في هذا الباب كثير.
(٢) ولكن الحق أن الأصل السببي حاكم على الأصل المسببي ومذهب لموضوعه ، وأن الأصل المسببي في طول الأصل السببي لا في عرضه فكيف يتعارضان؟ والتفصيل في علم الأصول.
(٣) أي الثلاثة : المطابقة والتضمن والالتزام ، كما هي مفصلة في علم المنطق