من عدم ضمان الأعيان (١).
هذا وأمّا لو كان البيع صحيحاً ، وحصل الفسخ بالخيار أو التقايل أو تلف المبيع قبل القبض ، فعلى المشهور لم يلزم الضامن فيرجع على البائع ، لعدم ثبوت الحق وقت الضمان (٢) فيكون من ضمان ما لم يجب. بل لو صرّح بالضمان إذا حصل
______________________________________________________
(١) وفيه : أنّ الضمان إن كان بالمعنى المصطلح ، فهو غير قابل للحكم بصحّته مطلقاً ، لدورانه بين ضمان ما لم يجب الذي عرفت عدم معقوليته ، والضمان المعلّق الذي عرفت بطلانه بالإجماع ، بلا فرق فيه بين المقام وغيره.
وإن كان بالمعنى الذي ذكرناه ، فصحّته ، على القاعدة مطلقاً أيضاً ، ولا وجه لجعل هذا الفرد مستثنى مما سبق.
والحاصل أنه لا وجه للاستثناء في المقام على التقديرين. فإنه إن صحّ ضمان الأعيان الخارجية بحمله على المعنى الذي ذكرناه ، فالصحّة هنا على القاعدة أيضاً ، وإلّا فالضمان في المقام أيضاً محكوم بالبطلان ، إذ لا يختلف فيما لا يعقل أو المجمع على بطلانه بين المقام وغيره.
(٢) إذ الثمن قد انتقل من ملك المشتري إلى ملك البائع جزماً ، كما انتقل المثمن من ملك البائع إلى ملك المشتري قطعاً ، فانقطعت علاقة كلّ منهما عما كان يملكه قبل العقد وأصبح ملكاً لصاحبه ظاهراً وواقعاً ، غاية الأمر أنه يمكن أن يعود إلى ملكه ثانياً بالفسخ في حينه. ومعه فلا معنى لضمانه ، لأنه بمعنى اشتغال ذمّته به بالفعل غير معقول ، وبمعنى اشتغال ذمّته به في ظرف الفسخ من التعليق الباطل ، بلا فرق فيه بين إقباضه للثمن وعدمه.
نعم ، لو كان البيع وإقباض الثمن والمثمن عن أمر الضامن ، ملتزماً بتدارك ما يترتّب عليه من الضرر والمفسدة عند تحقق الفسخ ورجوع كلّ من المالين إلى مالكه الأوّل ، لم يبعد الحكم بصحّته في المقام. فإنه لما كان الإقباض عن أمره ، كانت الإضرار المتوجّهة إلى البائع أو المشتري المضمون له متوجهة إلى الآمر الضامن فإنه داخل فيما جرت عليه السيرة العقلائية ومشمول لعمومات الوفاء بالعقود.