وأمّا ما رواه الصدوق مرفوعاً عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) : «أنه نهى عن المخابرة ، قال : وهي المزارعة بالنصف أو الثلث أو الربع» (*) فلا بدّ من حمله على بعض المحامل ، لعدم مقاومته لما ذكر (**) (١). وفي مجمع البحرين : وما روي من أنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) نهى عن المخابرة ، كان ذلك حين تنازعوا فنهاهم عنها (***).
ويشترط فيها أُمور :
أحدها : الإيجاب والقبول (٢). ويكفي فيهما كل لفظ دالّ (٣) سواء كان حقيقة أو مجازاً مع القرينة ، كـ (زارعتك أو سلّمت إليك الأرض على أن تزرع على كذا).
______________________________________________________
(١) إلّا أنك قد عرفت عدم تمامية شيء مما تقدّم في الدلالة على استحباب المزارعة بعنوانها المستقل ، ومن هنا فلا تكون معارضة لهذه الرواية.
إلّا أن هذا لا يعني التزامنا بالحكم بالكراهة ، فإنّ هذه الرواية ساقطة من حيث السند ، نظراً لكونها مرفوعة. ومعه فلا تصلح للاستدلال بها على شيء.
أذن فالصحيح أنّ عقد المزارعة في نفسه وكمعاملة مستقلة ، غير متصف بشيء من الاستحباب أو الكراهة ، حاله في ذلك حال سائر العقود ، كالبيع والإجارة ونحوهما. وإنما يتصف بالأحكام الخمسة ، بلحاظ ما يقترن به ويعرض عليه من الأوصاف والعناوين الخاصة ، فإنه وبهذا اللحاظ قد يكون واجباً ، وقد يكون مستحباً ، وقد يكون حراماً ، وقد يكون مكروهاً ، وقد يكون مباحاً أيضاً.
(٢) بلا خلاف فيه. فإنّ عقد المزارعة لما كان موجباً لاستحقاق كل من مالك الأرض والعامل على الآخر شيئاً ، كان لا بدّ فيه من اعتبار كل منهما ذلك لصاحبه ورضاه به مع إبرازه في الخارج ، على ما تقتضيه قضية كونه من العقود.
(٣) وذلك لما ذكرناه في المباحث الأُصولية وغير مورد من المباحث الفقهية ، من
__________________
(*) معاني الأخبار ج ٢ باب المحافلة والمزاينة و ... / ٢٧٧.
(**) الرواية ضعيفة ، وتقدّم أنّه ليس فيما ذكر دلالة على الاستحباب.
(***) مجمع البحرين ١ : ٤٩٠ مادّة خبر.