ثمّ إنّ الشراء في الذمّة يتصوّر على وجوه :
أحدها : أن يشتري العامل بقصد المالك وفي ذمّته من حيث المضاربة (١).
الثاني : أن يقصد كون الثمن في ذمّته من حيث إنه عامل ووكيل عن المالك. ويرجع إلى الأوّل ، وحكمها الصحّة ، وكون الربح مشتركاً بينهما على ما ذكرناه (٢). وإذا فرض تلف مال المضاربة قبل الوفاء ، كان في ذمّة المالك (*) يؤدّي من ماله الآخر (٣).
______________________________________________________
(١) بمعنى قصده لأداء الثمن من مال المضاربة.
(٢) لما تقدّم من عدم اعتبار كون الشراء أو البيع شخصياً ، وجواز كونهما في الذمّة.
(٣) اعتبره في المسالك من المسلّمات (١) واستدل عليه في الجواهر بأنه مقتضى إطلاق إذن المالك (٢).
وفيه : أما التسالم فلم يثبت. وعلى تقديره فلا يمكن المساعدة عليه ، إذ كيف يمكن إلزام المالك بالدفع من ماله الخاص ، والحال أنه لم يأذن فيه ، فإن إلزامه بذلك تعسّف محض وبلا موجب ، فإنّ المالك إنما أذن بالشراء من ماله إما شخصياً أو كلياً على أن يدفع بدلهُ من المال المعين للمضاربة ، ولم يأذن في غيره.
وأما دعوى الإطلاق فهو واضح الاندفاع ، حيث إنّ المالك إنما أذن في التصرّف بالمال المعين ، ولم يجز في الزائد منه كي يكون مضموناً في مالِهِ الخاص.
وعليه فالصحيح هو الحكم ببطلان هذهِ المعاملة. فإنّ الثمن وإن كان كلياً في الذمّة لكنه لما كان مقيداً بالدفع من المال الخارجي المعيّن وتعذر ذلك ، كان من مصاديق تلف الثمن قبل قبضهِ ، فيحكم بانفساخ العقد ورجوع مقابله إلى مالكهِ الأصلي. ولا
__________________
(*) في إطلاقه إشكال بل منع.
(١) مسالك الافهام ٤ : ٣٥١.
(٢) الجواهر ٢٦ : ٣٦٠.