كقولك : ضمنت شيئاً من دَينك فلا يصحّ (١). ولعله مراد من قال : إنّ الصّحة إنما هي فيما إذا كان يمكن العلم به بعد ذلك. فلا يرد عليه ما يقال : من عدم الإشكال في الصحّة مع فرض تعيّنه واقعاً. وإن لم يمكن العلم به فيأخذ بالقدر المعلوم.
هذا وخالف بعضهم فاشترط العلم به ، لنفي الغرر والضرر. وردّ بعدم العموم في الأوّل ، لاختصاصه بالبيع أو مطلق المعاوضات (٢)
______________________________________________________
وأمّا الثاني فقد رواه فضيل وعبيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «لما حضر محمد بن أُسامة الموت دخل عليه بنو هاشم ، فقال لهم : قد عرفتم قرابتي ومنزلتي منكم ، وعليَّ دَين فأُحبّ أن تقضوه عنّي ، فقال علي بن الحسين (عليه السلام) : ثلث دَينك عليَّ ، ثمّ سكت وسكتوا. فقال علي بن الحسين (عليه السلام) : عليَّ دينك كلّه ثمّ قال علي بن الحسين (عليه السلام) : أما إنه لم يمنعني أن أضمنه أوّلاً ، إلّا كراهة أن يقولوا سبقنا» (١).
إلّا أنّ الإرسال في الرواية الأُولى ، ووقوع عبيد الله الدهقان المردد بين عبيد الله بن أحمد الدهقان المجهول وعبيد الله بن عبد الله الدهقان الذي ضعّفه النجاشي صريحاً (٢) يمنعان من الاعتماد عليهما والتمسّك بهما في مقام الاستدلال.
على أنهما لا يتضمّنان إلّا بيان قضية في واقعة ، فلا إطلاق لهما كي يتمسّك به في مقام نفي الشرط المشكوك ، ولعلّه (عليه السلام) كان يعلم بمقدار الدَّين الذي عليهما.
(١) بلا خلاف فيه بين الأصحاب ، إذ يستحيل فراغ ذمّة المضمون عنه واشتغال ذمّة الضامن بالنسبة إلى ما لا تعيّن له واقعاً.
(٢) حيث ألحقها الفقهاء بالبيع ، فلا يشمل الضمان ونحوه مما لا يتضمّن المعاوضة.
على أنه لا غرر في المقام بالمرّة. فإنّ الضامن سيأخذ بمقدار ما يدفعه إلى الدائن من المدين قلّ أو كثر ومن غير أن ينقص منه شيء على الإطلاق ، حاله حال القرض
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٨ كتاب الضمان ، ب ٣ ح ١.
(٢) رجال النجاشي : ٢٣١ ترجمة رقم ٦١٤.