.................................................................................................
______________________________________________________
الفرق بين الأُجرتين ، وإن لم تكن ملكاً له كما هو مبنى القول بعدم ملكيّة المنفعتين المتضادّتين لم يستحقّ شيئاً زائداً على المسمّاة حتى المقدار الفارق ، إذ بماذا يستحقّ الزائد بعد أن لم تكن المنفعة المستوفاة مملوكة له؟! وما هو الموجب لضمان ما به التفاوت ولم يطرأ تلف أو تصرّف في ملكه؟! فهذا الوجه يتلو سابقيه في الضعف بعد عرائه عن أيّ مستند صحيح.
إذن لا محيص عن المصير إلى ما اخترناه تبعاً للمتن من استحقاق كلتا الأُجرتين ، خلافاً لأبي حنيفة المنكر لضمان المنفعة المستوفاة ، زعماً منه أنّ الخراج بالضمان (١) ، كما يظهر من صحيحة أبي ولّاد المتقدّمة.
نعم ، ما ذكروه في الوجه الثالث من ضمان الزيادة يتّجه فيما إذا كانت النسبة بين المنفعتين نسبة الأقلّ إلى الأكثر ، لا نسبة التضادّ التي هي محلّ الكلام ، كما لو استأجر دابّة لحمل بضاعة وزنها خمسون كيلو غراماً فحمّلها ما يعادل ستّين ، فإنّ المستأجر يضمن لا محالة لهذه الزيادة إضافةً على ضمانه للأُجرة المسمّاة ، إذ لا موجب لذهاب تلك المنفعة التي هي باقية على ملك المالك هدراً ، وقد كانت قابلة لأن يستوفيها المالك من الأوّل بأن يؤاجر الدابّة لحمل الستّين بدلاً عن الخمسين.
والظاهر أنّه لا خلاف هنا في ضمان اجرة المثل لتلك الزيادة ، ولا يقاس ذلك بالمنافع المتضادّة ، لعدم كونه منها حسبما عرفت.
ولكن أبا حنيفة خالف في هذه المسألة أيضاً على ما في الفقه على المذاهب الأربعة (٢) ، بدعوى أنّ المستأجر غاصب في تلك الزيادة ، والغاصب لا يضمن المنافع.
__________________
(١) الوسائل ١٩ : ١١٩ / كتاب الإجارة ب ١٧ ح ١.
(٢) الفقه على المذاهب الأربعة ٣ : ١٢٤.