وعلى ما ذكرناه من البطلان فعلى تقدير العمل يستحقّ اجرة المثل ، (*) وكذا في المسألة السابقة إذا سكن الدار شهراً أو أقلّ أو أكثر (١).
______________________________________________________
(١) فيستحقّ صاحب الدار اجرة المثل للمنفعة التي استوفاها المستأجر كما يستحقّ العامل اجرة مثل عمله ، إذ بعد أن لم يمض الشارع الأُجرة المسمّاة بمقتضى افتراض فساد الإجارة فوجودها كالعدم وكأنّ العقد لم يكن ، وبما أنّ عمل العامل كمال المالك محترم لا يذهب هدراً وقد وقع بأمر المستأجر وهو الذي استوفاه وأتلفه ، فلا جرم يضمن لصاحبه اجرة المثل.
هكذا ذكره الماتن وغيره من الفقهاء مرسلين له إرسال المسلّمات. ولكن للنظر في إطلاقه مجال واسع.
والوجه فيه : أنّ احترام المال وإن استوجب الضمان لكنّه مراعى بعدم كون المالك بنفسه مقدماً على إلغائه وإسقاطه وسلب احترامه. ومن ثمّ لو أمر زيداً أن يعمل له العمل مجّاناً ففعل لم يكن له بعدئذٍ مطالبة الآمر بالأُجرة ، إذ هو بنفسه ألغى الاحترام وأقدم على المجّان ، فمال المسلم وإن كان محترماً في نفسه إلّا أنّه مخصوص بعدم الإقدام على الإلغاء إمّا كلّاً أو بعضاً ، فلو أقدم على إلغائه بتمامه لم يضمن الطرف الآخر شيئاً ، كما أنّه لو أقدم على إلغاء بعضه لم يضمن بمقدار ما أقدم.
وعليه ، فلو آجر داره كلّ شهر بعشرة دنانير بإجارة فاسدة سواء علم بالفساد أم لا ، وأُجرة مثلها كلّ شهر بخمسين ، لم تكن له المطالبة بالتفاوت ، إذ
__________________
(*) هذا إذا لم تكن اجرة المثل أزيد من وجه الإجارة ، وإلّا لم يستحقّ الزائد فيما إذا كان المؤجر عالماً بالغبن أو كان مقدماً على الإجارة مطلقاً.