وكذا يتفرّع على ما ذكر (١) أنّه لا يجوز حبس العين بعد إتمام العمل إلى أن يستوفي الأُجرة ، فإنّها بيده أمانة ، إذ ليست هي ولا الصفة التي فيها مورداً للمعاوضة ، فلو حبسها ضمن ، بخلافه على القول الآخر.
______________________________________________________
ويندفع : بما عرفت من أنّ الأُجرة لم تقع إلّا بإزاء العمل خاصّة وقد وفى وأدّى ما عليه ، وتسليمه ليس إلّا بإتمامه وقد حصل. نعم ، كان ملتزماً بمقتضى الشرط الضمني الارتكازي بتسليم مورده أعني : العين المتّصفة وقد سلّمه أيضاً بدفع البدل وبذل قيمته الفعليّة ، فقد سلّم العمل وما أنتجه من الأثر المتعلّق بالعين كنفسها إمّا مِثلاً أو قيمةً ، فلم يفت عن المستأجر أيّ شيء. ومعه كيف يقال بعدم الاستحقاق استناداً إلى عدم التسليم؟! وبعبارة اخرى : إن كان عدم التسليم باعتبار نفس العمل فالمفروض أنّه سلّم ، إذ لم يكن تسليمه بما هو إلّا بإيجاده خارجاً وقد أوجده كملاً.
وإن كان باعتبار مورده أعني : العين بصفتها الفعليّة التالفة فالمفروض تسليمه أيضاً ، لكن لا بعينه ، بل ببدله ، فلم يفت عن المستأجر إلّا شخصيّة ماله. ومن المعلوم أنّ الشخصيّة لا تضمن بشيء ، فإنّ الضمان إنّما يتعلّق بالماليّة ولا يقتضي إلّا دفع المثل أو القيمة.
إذن فالصحيح استحقاقه الأُجرة مع ضمان العين متّصفة بوصف المخيطيّة حسبما ذكره في المتن.
(١) ظهر الحال في ذلك ممّا قدّمناه في الجهة الثانية ، فلاحظ.