.................................................................................................
______________________________________________________
المنافع المتضادّة مخيّراً في التطبيق على أيّ فرد منها شاء ، فإذا طبّقه على منفعة خاصّة ، كما لو آجر الدابّة للحمل مثلاً فلم يبق له في مدّة الإجارة أيّ ملك في الدابّة ما عدا ذات العين.
وعليه ، فلو استعملها المستأجر في جهة أُخرى فبما أنّ تلك الجهة لم تكن مملوكة فطبعاً لم يكن هو ضامناً لأيّ أحد. ونتيجة ذلك هو القول بعدم ضمان المستأجر لما عدا الأُجرة المسمّاة.
ولكن هذا شيء لا يمكن الالتزام به قطعاً ، وذلك لأنّ مقتضاه جواز استيفاء المنفعة العظمى بدلاً عمّا وقعت عليه الإجارة من المنفعة الضئيلة بإزاء أُجرة زهيدة ، كما لو استعمل العبد الذي استأجره للكتابة أو الدابّة المستأجرة لإدارة الرَّحَى في حمل صخرة كبرى ونحو ذلك من الأعمال الشاقّة التي ربّما تعادل أُجرتها أضعاف الأُجرة المسمّاة. وهذا شيء لا يمكن الإفتاء به من متفقّة فضلاً عن فقيه ، وإنّما يشبه فتاوى أبي حنيفة وأضرابه ، مضافاً إلى مخالفته لصحيحة أبي ولّاد الصريحة في ضمان المنافع المستوفاة.
ثانيها : الالتزام بأنّ المستأجر لمّا لم يستوف المنفعة المستأجرة واستوفى بدلها منفعة أُخرى مضادّة ، اقتضى ذلك انفساخ عقد الإجارة وفساده ، ومن ثمّ لم يضمن ما عدا اجرة المثل بالنسبة إلى ما استوفاه ويفرض العقد كأن لم يكن ، نسب ذلك إلى العلّامة (١) وغيره.
وقد يقال : إنّ هذا هو المستفاد من صحيحة أبي ولّاد ، بدعوى أنّ الاقتصار على التعرّض لُاجرة المنافع المستوفاة والسكوت عن دفع الأُجرة المسمّاة يكشف عن أنّ الواجب إنّما هو اجرة المثل فحسب.
__________________
(١) انظر القواعد ٢ : ٣٠٤.