.................................................................................................
______________________________________________________
لا شكّ في استحقاق الأُجرة المسمّاة في الصورة الأُولى ، لفراغ الذمّة ولو بفعل الغير ، الموجب لحصول العمل المستأجر عليه.
والوجه فيه : أنّ العمل بعد افتراض صحّة الإجارة يعدّ كدين في عهدة الأجير ، وقد استقرّت السيرة العقلائيّة الممضاة لدى الشرع بعدم الردع على جواز تفريغ ذمّة الغير عمّا اشتغلت به من عين أو عمل ولو من دون إذن منه أو اطّلاع من غير خلاف فيه ولا إشكال.
ويمكن استفادته من الأخبار الواردة في الموارد المتفرّقة كأداء دين الأب أو أحد من الأرحام أو غيرهم من غير حاجة إلى إذن المدين.
فلو كان مديناً لزيد بدينار وأدّاه عمرو بعنوان التفريغ برئت ذمّته.
ولعلّ الوجه فيه بعد ما عرفت من استقرار السيرة والإمضاء الشرعي : أنّ الذمّة لم تكن مشغولة من بادئ الأمر بأكثر من هذا المقدار ، أعني : الدفع بقصد الوفاء وأمّا كونه من خالص ماله أو بتسبيبه فضلاً عن مباشرته فلم يدلّ عليه أيّ دليل ، فإذا أدّى الغير هذا الكلّي المستقرّ في الذمّة فقد برئت وحصل الفراغ.
إذن فالمستأجر عليه في المقام هو العمل الكلّي الجامع بين صدوره منه مباشرةً أو تسبيباً أو من غيره من قبله ، فإنّ هذا الكلّي الاعتباري صالح لتعلّق الإجارة به عند العقلاء بعد ملاحظة أنّ الجامع بين المقدور وغيره مقدور.
وأمّا في الصورة الثانية فلا إشكال في عدم استحقاق الأُجرة المسمّاة ، لعدم تحقّق العمل المستأجر عليه بوصفه العنواني بتاتاً لا من الأجير ولا من غيره عنه ، كما هو الحال في غير العمل من سائر الديون ، فإذا كان مديناً لزيد بدرهم فأعطاه عمرو لا بقصد التفريغ كان هبة مستقلّة من دون أن يستتبع براءة الذمّة بوجه كما هو واضح.