.................................................................................................
______________________________________________________
والصدق العرفي ، فكلّ ما كان مصداقاً للآلة ومتّصفاً بكونه موجداً للمعنى في عرف العقلاء فهو مشمول لدليل الوفاء بالعقد وغيره من أدلّة النفوذ ، وأمّا ما لم يكن كذلك فلا دليل على صحّته ، ومجرّد جعل شخص لفظاً آلة لإيجاد المعنى لا يغني بعد أن لم يكن مشمولاً لدليل الإمضاء.
ولكنّا أشرنا في جملة من الموارد سيّما في المباحث الأُصوليّة عند التكلّم حول تحقيق مفهوم الخبر والإنشاء (١) إلى فساد هذا المبنى بالرغم من اشتهاره وانتشاره ، وأنّه لدى التفتيش والتحليل ليس لإيجاد المعنى باللفظ عند التصدّي للإنشاء عين ولا أثر.
أمّا الأُمور التكوينيّة : فعدم كون اللفظ من أسباب وجودها وعلل تحقّقها واضح.
وأمّا الاعتباريّة : فاعتبار الشخص ملكيّة شيء مثلاً ببيع أو شراء ونحوهما قائمٌ بنفسه ولو لم يكن أحد في العالم ما عدا حوّاء وآدم مثلاً وليس للّفظ أي سببيّة وعلّيّة في ذلك. وأمّا اعتبار العقلاء أو الشرع فهو أيضاً قائم بهما وأجنبي عن هذا الشخص ، غايته أنّه يوجد ببيعه مثلاً موضوع الاعتبار من غير أن يكون اللفظ علّة لتحقّقه.
فدعوى كون الإنشاء إيجاداً للمعنى باللفظ لا أساس لها من الصحّة بتاتاً.
بل التحقيق مشاركة الإنشاء مع الإخبار في أنّ كلّاً منهما مبرز لأمر نفساني ، غايته أنّ المبرز في الثاني قصد الحكاية عن ثبوت شيء لشيء ، أو عدم ثبوته ، الذي قد يطابق الواقع وأُخرى لا ، وبهذا الاعتبار يتّصف بالصدق والكذب. وفي الأوّل اعتبار من الاعتبارات من الملكيّة أو الزوجيّة ، أو التمنّي أو الترجّي ، ونحو ذلك ممّا هو مقصور على أُفق النفس ومحدود بدائرتها ولا يتعدّى إلى
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ١ : ٨٥ ـ ٨٩.