.................................................................................................
______________________________________________________
الطهور اسم لنفس الأفعال من الغسلتين والمسحتين ، ويظهر ذلك من روايات النواقض ، فإنها تدل بوضوح على أن الوضوء له البقاء ، ولذا يصح أن يقال : إنه نام وهو على وضوء أو أنه فعل وهو على وضوء ونحو ذلك من التعابير التي تدل على قابلية بقاء الوضوء ، وأنه ليس أمراً خارجياً ينقضي وينصرم.
وبالجملة : يظهر من الروايات بل من نفس الآية الشريفة أنّ الطهور والغسل أو الوضوء شيء واحد ، ولذا أُمر بالطهور في مورد واحد وأُمر بالغسل في نفس المورد في آية أُخرى ، قال عزّ من قائل (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (١) وذكر في آية أُخرى (وَلا جُنُباً إِلّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) (٢) وليس ذلك من باب تعلق الأمر بالسبب مرّة وبالمسبب اخرى ، بل ذلك من باب أنهما شيء واحد ، فالطهور اسم لنفس هذه الأفعال الخاصّة.
هذا حال الطهور بالنسبة إلى الوضوء أو الغسل وإن أبيت إلّا عن كون الطّهارة أمراً اعتبارياً حاصلاً من الوضوء أو الغسل إلّا أن الإحرام ليس كذلك ، إذ لا دليل على أنه أمر اعتباري سببه التلبية أو الإشعار ، وعلى فرض التسليم لا بدّ من القول بكون الثاني صورياً ، أو أنه حقيقي والأوّل باطل لامتناع اجتماع المثلين.
فبناءً على عدم كون الإحرام أمراً اعتبارياً كما هو الصحيح يدور أمره بين كونه عبارة عن توطين النفس على ترك المحرمات المعلومة ، أو أنه نفس التلبية ونحوها كالإشعار والتقليد ، نظير تكبيرة الإحرام ، وعلى كل تقدير لا مانع من صحّة الإحرامين ، إذ لا محذور في أن يوطن نفسه مرّتين على ترك المحرمات ، ولا يستلزم من ذلك اجتماع المثلين كما في باب النذر ، فإنه يجوز أن ينذر الشيء المنذور مرّة ثانية بأن يوطن نفسه على إتيان ذلك الشيء المنذور ، نعم وجوب الوفاء لا يتكرر وإنما يتأكّد ، ولا مانع من تكرار الكفّارة لتكرر الحنث بمخالفة النذر ، نظير ما إذا نذر صيام
__________________
(١) المائدة ٥ : ٦.
(٢) النساء ٤ : ٤٣.