الثالث : أن يكون الحج والعمرة في سنة واحدة ، كما هو المشهور المدعى عليه الإجماع (١) ، لأنه المتبادر من الأخبار المبيّنة لكيفية حج التمتّع ، ولقاعدة توقيفية العبادات ، وللأخبار الدالّة على دخول العمرة في الحج وارتباطها به والدالّة على عدم جواز الخروج من مكّة بعد العمرة قبل الإتيان بالحج ، بل وما دلّ من الأخبار على ذهاب المتعة بزوال يوم التروية أو يوم عرفة ونحوها ، ولا ينافيها خبر سعيد الأعرج المتقدّم بدعوى أن المراد من القابل فيه العام القابل فيدل على جواز إيقاع العمرة في سنة والحج في أُخرى ، لمنع ذلك بل المراد منه الشهر القابل. على أنه لمعارضة الأدلّة السابقة غير قابل (*) ، وعلى هذا فلو أتى بالعمرة في عام
______________________________________________________
ولكن الخبر لا يدل على حكم العمرة التي صدرت منه وإنما يدل على أن الرجل إذا جاور مكّة انقلبت وظيفته من التمتّع إلى الإفراد ، فيكون الخبر مخالفاً للنصوص المعتبرة المتقدّمة الدالّة على عدم الانقلاب إذا أقام في مكّة بمدّة أقل من السنتين وإنما الانقلاب يتحقق إذا جاور مدّة سنتين ، فالرواية أجنبية عن المقام. مضافاً إلى ضعف السند بمحمّد بن سنان ، فالحكم على ما يقتضيه القاعدة من البطلان من الأصل ، لأنّ ما وقع لم يقصد وما قصد لم يقع ، نعم لا بأس بذلك رجاء ويأتي بطواف النّساء.
(١) الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في هذا الحكم ، ويدلُّ عليه وجوه :
الوجه الأوّل : ما يستفاد من النصوص الدالّة على وجوب الحج على أهل الجدة والثروة في كلّ عام مرّة واحدة (١) ، فإن المستفاد من هذه الروايات أن الحج من وظائف السنة الواحدة ، ولو جاز التفكيك والافتراق بين الحج والعمرة وجاز الإتيان بهما في سنتين لكان ذلك منافياً لهذه الأدلّة ، فحال الحج حال نظائره من العبادات كالصلاة اليومية فإنها من وظائف كل يوم ، وصلاة الجمعة فإنها من وظائف كل
__________________
(*) بل هو ضعيف سنداً فلا يصلح للمعارضة.
(١) الوسائل ١١ : ١٦ / أبواب وجوب الحج ب ٢.