ثمّ الظاهر أن الأمر بالإحرام إذا كان رجوعه بعد شهر إنّما هو من جهة أنّ لكل شهر عمرة لا أن يكون ذلك تعبّداً أو لفساد عمرته السابقة أو لأجل وجوب
______________________________________________________
يثبت كونه رواية فضلاً عن كونه موثقاً.
ومنها : خبر أبان وفيه : «فيخرج محرماً ، ولا يجاوز إلّا على قدر ما لا تفوته عرفة» (١) فإن المستفاد منه أنّ المدار في جواز الخروج وعدمه فوت الحج وعدمه.
وفيه : أنه مخدوش سنداً من وجهين ، لأنّ معلى بن محمّد يرويه عمن ذكره ويروي أبان عمن أخبره ، هذا مضافاً إلى أنه يدل على جواز الخروج مع الحاجة محرماً وهو خارج عن محل الكلام.
وأغرب من ذلك قول المصنف : إنّ المنساق من جميع الأخبار المانعة أن ذلك للتحفظ عن عدم إدراك الحج وفوته. إذ كيف يمكن استفادة ذلك من تلك الروايات مع التصريح فيها بعدم جواز الخروج محلا مطلقاً وجوازه محرماً مع الحاجة.
ثمّ إنّ المصنف (قدس سره) بعد ما اختار الجواز وحمل الأخبار الناهية على الكراهة ذكر أنه يمكن دعوى عدم الكراهة أيضاً ، لأنّ الممنوع هو الخروج فيما إذا خاف فوت الحج ، وأمّا لو علم بعدم فوت الحج منه فلا منع أصلاً حتى على وجه الكراهة. وبعبارة اخرى : يظهر من الروايات المانعة أن المنع عن الخروج إرشاد إلى لزوم التحفّظ على إدراك الموقف وعدم فوت الحج عنه وليس حكماً تعبدياً ، فإذا لم يكن خائفاً من الفوت فلا مانع من الخروج حتى على وجه الكراهة.
ولكن قد عرفت عدم إمكان رفع اليد عن ظهور تلك الروايات في المنع بل صراحتها في ذلك.
وربّما يقال بأنّ مرسل موسى بن القاسم عن بعض أصحابنا «أنه سأل أبا جعفر (عليه السلام) في عشر من شوال فقال : إني أريد أن أُفرد عمرة هذا الشهر ، فقال :
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٣٠٤ / أبواب أقسام الحج ب ٢٢ ح ٩.