مشكوك ، فيكون كما لو شكّ في أن المسافة ثمانية فراسخ أو لا فإنه يصلي تماماً لأنّ القصر معلق على السفر وهو مشكوك. ثمّ ما ذكر إنما هو بالنسبة إلى حجّة الإسلام حيث لا يجزئ للبعيد إلّا التمتّع ولا للحاضر إلّا الإفراد أو القرآن ، وأمّا بالنسبة إلى الحج الندبي فيجوز لكل من البعيد والحاضر كل من الأقسام الثلاثة بلا إشكال وإن كان الأفضل اختيار التمتّع ، وكذا بالنسبة إلى الواجب غير حجّة الإسلام كالحج النذري وغيره.
______________________________________________________
ولو كنّا نحن والآية المباركة لكان مقتضاها وجوب التمتّع على من لم يكن من سكنة مكّة المكرّمة ، سواء كان ساكناً في بلد قريب دون الحد المذكور أو كان ساكناً في البلاد البعيدة ، ولكن النصوص حددت البعد بثمانية وأربعين ميلاً وألحقت الساكنين في هذا الحد بالساكن في نفس مكّة. ويؤكد ما ذكرناه أن عدم الحضور في المسجد الحرام لم يلاحظ في الآية المباركة بالنسبة إلى الحاج نفسه وأنه إذا كان حاضراً وكانت وظيفته إتمام الصلاة كانت وظيفته التمتّع ، وإنما لوحظ بالنسبة إلى أهله الساكنين في بلاد آخر غير مكّة وليسوا بحاضرين في المسجد الحرام.
الثالث : أن عنوان الحضور المأخوذ في الآية الكريمة عنوان عرفي ولا يصدق على من كان بعيداً عن مكّة باثني عشر ميلاً ، بل يصدق عليه أنه ممن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام فيجب عليه التمتّع.
وفيه : أن عدم صدقه عليه عرفاً وإن كان صحيحاً ولكنه لا يختص به بل يعم من بعد عن مكّة بأقل من ذلك أيضاً ، ومن هنا قلنا بأنه لو كنّا نحن والآية المباركة لقلنا باختصاص فريضة التمتّع بمن لم يكن من سكنة مكّة المكرّمة ، سواء كان ساكناً في بلد قريب أو بلد بعيد ، وإنما تعدينا عن ذلك من جهة صحيح زرارة المتقدِّم (١).
ثمّ إنّه لو أغمضنا النظر عن الصحيح المتقدّم لأمكن الاستدلال للقول المذكور
__________________
(١) في ص ١٤٥.