.................................................................................................
______________________________________________________
وعلى الجملة : ففي جميع هذه الموارد نستكشف اختلاف الحقائق من اختلاف الآثار والأحكام وإن اتّحدت في الصورة ، فلا بدّ من قصد تلك العناوين رعايةً لتحقّق الذات المأمور بها ، فكلّ خصوصيّة ملحوظة في المأمور به لا مناص من تعلّق القصد بها حسبما عرفت.
هذا كلّه في غير النافلة والنذر.
وأمّا لو نذر صوم يومٍ إمّا مطلقاً كصوم يومٍ من رجب ، أو مقيّداً كيوم أوّل جمعة منه ، فهل يعتبر في سقوط الأمر وتحقّق الوفاء تعلّق القصد بعنوان النذر؟ فلو اتّفق أنّه صام نافلةً غافلاً عن نذره حنث ، أم أنّه يكتفي بذلك ولا حاجة إلى مراعاة القصد المزبور؟
لا يبعد المصير إلى الثاني ، بل لعلّه الظاهر ، فإنّ الأمر النذري توصّلي لا يحتاج سقوطه إلى قصد هذا العنوان ، كما هو الحال في العهد واليمين والشرط في ضمن العقد ونحو ذلك. ومناط العباديّة إنّما هو الأمر النفسي الاستحبابي العبادي المتعلّق بذات المتعلّق وفي رتبة سابقة على الأمر الناشئ من قبل النذر ونحوه ، دون هذا الأمر ، فإنّه توصّلي كما عرفت فلا يجب قصده ، فلو نذر أن يصلّي نافلة الليل في ليلة خاصّة فغفل ، ومن باب الاتّفاق صلّى تلك الليلة برئت ذمّته وتحقّق الوفاء وإن كان غافلاً عنه.
والحاصل : أنّ ما ذكرناه من أنّه ربّما يؤخذ في متعلق الأمر عنوان قصدي كعنوان الظهر والعصر والقضاء والكفّارة ونحو ذلك لا يجري في مثل النذر والنافلة ، لعدم أخذه في المتعلّق ، بل المتعلّق هو نفس النافلة وقد حصلت حسب الفرض ، والأمر بالوفاء بالنذر توصّلي ، ومناط العباديّة شيء آخر كما عرفت ، ولا يكون النذر مشرعاً ، وإنّما يتعلّق بشيء مشروع في نفسه وعبادي قبل تعلّق النذر به.