إذاً ، فهلاّ تحسن مواساة صاحب الشريعة ووصيّه المُقدّم بعد وقوع الحادثة على فلذة كبده صاحب النّهضة المُقدّسة ، واللّه عزّ وجل يقول : (لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ اُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (١)؟!
على أنّ الأحاديث الصحيحة عندهم عن أئمّتهم تحثّهم على التظاهر بما فيه إحياء أمرهم ؛ من الدعوة إلى سبيل الدِّين ، وإظهار الجزع والبكاء والنّوح على سيّد شباب أهل الجنّة عليهالسلام.
ويقول الإمام الصادق عليهالسلام في دعائه الطويل وهو ساجد : «اللهمّ ، ارحَمْ تلكَ الصَّرخةَ الّتِي كانتْ لنا. اللهمّ ، إنّ أعداءَنا عابُوا عليهمْ خُروجَهُمْ إلينا فلَمْ يَنهَهمْ ذلك عنْ الشخوصِ إلينا ؛ رغبةً في برِّنا ، وصلةً لرسولِكَ ، وخلافاً منهُمْ على ما خالفنا. اللهمّ ، أعطِهمْ أفضلَ ما يأمَلونَ في غربتِهمْ عنْ أوطانِهمْ ، وما أثرُونَا بهِ على أبنائِهمْ» (٢).
ويقول عليهالسلام لحمّاد الكوفي : «بلغني أنّ اُناساً من الكوفةِ وغيرِهمْ مِنْ نواحِيها يأتونَ قبرَ الحُسينِ في النّصفِ مِنْ شعبان ؛ فبين قارئٍ يقرأ ، وقاصٍّ يقصُّ ، ومادحٍ يمدحُ ، ونساءٍ يندبنَهُ؟».
فقال حمّاد : قد شهدتُ بعضَ ما تصف.
فقال عليهالسلام : «الحمدُ للّهِ الذِي جعلَ في شيعَتِنا مَنْ يَفدُ إلينَا ويمدَحُنا ويرثي لنَا ، وجعلَ في عدوِّنا مَنْ يُقبِّح ما يصنَعُون» (٣).
ولمّا قال له ذريح المحاربي : إنّي إذا ذكرتُ فضل زيارة الحسين عليهالسلام لقومي وبنيَّ كذَّبوني! فقال عليهالسلام : «دَعْ النّاسَ يذهبونَ حيثُ
__________________
١٢٦ ، الفصول المُهمّة لابن الصباغ المالكي / ٧٦١ ، جواهر المطالب في مناقب الإمام عليٍّ للدمشقي / ٢٦٣ ، باختلاف الألفاظ.
(١) سورة الأحزاب / ٢١.
(٢) كامل الزيارات / ٢٢٨ ، والدعاء فيه تقديمٌ وتأخير.
(٣) كامل الزيارات / ٥٣٩ ، وسائل الشيعة ١٤ / ٥٩٩ ، بتقديمٍ وتأخير.