وخلع المادّة عن صورة إلى صورة اخرى.
وتوضيح ذلك موقوف على بيان أمر ، وهو : أنّه لا خفاء في أنّ أنواع التغييرات في موضوعات الأحكام مختلفة ، فإنّه قد يتبدّل الشيء بمادّته وصورته بحيث لا يرى العرف الجسم بمادّتها الأوّليّة ولا صورتها موجودة ، كالكلب الواقع في المملحة المتبدّل بالملح ، وكذلك العذرة المتبدّلة بالتراب أو الدود على احتمال ، فإنّ العرف يأبى أن يقول بكونهما الآن هو الجسم الأوّلي ، بل يراهما ذاتا متغيّرا ، كما لا يخفى.
وقد يتبدّل الشيء بصورته لا بمادّته ، بحيث يرى العرف المادّة هي المادّة الأوّليّة ، ولا يبعد أن يكون الحبّ المتبدّل بالزرع كذلك ، فإنّ المادّة في حال الزرع بعينها هي الكائنة في حال الحبّ ، والعرف لا يرى في مثله إلّا انقلاب صورة ، وليس المادّة الأوّليّة صورة اخرى.
وقد يكون التبدّل ، تبدّل الوصف والعرض فقط دون انقلاب الصورة والمادّة ، مثل الماء المتغيّر إذا زال تغيّره فإنّ المادّة والصورة على ما عليها قبل زوال التغيّر باقية بعده أيضا ، فإنّما المنقلب هو الوصف الخارجي ، وكذلك الحال الزبيبي والعنبي لا يبعد أن يكون مثل ذلك.
ثمّ إنّ الأحكام الشرعيّة الثابتة للموضوعات ـ لا يخفى أيضا ـ تكون على أنحاء ، وذلك لأنّه قد يكون الحكم ثابتا للشيء بصورته الخاصّة ، بحيث لو ارتفعت الصورة لم يبق الحكم ، مثل أحكام النجاسة والطهارة الثابتة للأشياء بصورتها الخاصّة مثل الإنسانيّة ، فإنّ الطهارة الثابتة للإنسان تزول بالموت ، وليس ذلك إلّا لتبدّل صورته ولو كانت المادّة باقية ، فتأمّل! وكذلك نجاسة