ومن البداهة ؛ أنّ ذلك لا ينافي كون إقامة البيّنة وظيفة للمدّعي لا للمنكر ، إذ هي ما تقوم عند الحاكم لا مطلق الحجّة المستفادة من الرواية الّتي هي وظيفة عامّة لا تختصّ ببعض دون بعض ، وقد خصّص ذلك بإقامة البيّنة المختصّة بالمدّعي عند الحاكم ، وبالنسبة إلى غيره على عمومها باقية ، فكلّ من أقام الحجّة الشرعيّة ، منكرا كان أم مدّعيا في غير الصورة المفروضة يجب على غيره قبولها وترتيب الأثر عليها.
والشاهد على كون المراد بالبيّنة ذلك لا القائمة عند الحاكم هو قوله عليهالسلام بعد ذلك : «فيلزمك» ضرورة أنّ اللزوم بمقتضى قول الشاهد في باب الخصومة مترتّب على حكم الحاكم لدخول الشهود. فترتيب الإمام عليهالسلام الإلزام على الشهادة كاشف عن كون المراد بها هاهنا الحجّة لا البيّنة عند الحاكم حتّى ينافي الوظيفة ، فافهم!
ثمّ إنّه ؛ تلخّص ممّا ذكرنا أنّ الأقوى في الأقوال والاحتمالات هو اعتبار قيمة يوم التلف ؛ إذ هو الّذي كانت تقتضيه القاعدة ، وقد عرفت أنّه لم يظهر من الحديث ما يخالفها ولا ما يصير مدركا لسائر الأقوال ، فظهر ضعفها أيضا فتعيّن المصير إلى ما تقتضيه القاعدة.
وأمّا احتمال اعتبار أعلى القيم ؛ سواء كان من يوم الغصب إلى يوم التلف أو من يومه إلى الردّ فهو أضعف الأقوال ، ولا يساعده الاعتبار ، بل القاعدة الّتي هي أصالة البراءة تردّه ، فلا وجه لهذا القول أصلا ، إذ ما دامت العين باقية لا تلاحظ القيمة حتّى لو زيدت في الأثناء فتشتغل الذمّة بالأعلى ، وأمّا بعد التلف فتستقرّ على الذمّة القيمة الموجودة المفروضة للعين عنده ؛ لأنّ ما تشتغل الذمّة به لا بدّ