هذه الأشياء كالساقط عن الماليّة رأسا ، بمعنى أنّهم لا يرون الماء في الشطّ مثلا مع الماء في البئر مماثلا في الماليّة ، ولمّا كانت المماثلة في الماليّة شرطا في ضمان المثلي ، ولا ريب أنّ اعتبار الماليّة وعدمها إنّما يكون بنظر العرف وقد أشرنا أيضا إلى أنّ نظرهم في باب الضمان [له] كمال مدخليّة.
فالأقوى في المسألة ؛ على حسب ما يقتضيه حكم العرف الحكم بتبديل ضمان المثل بالقيمة فيما إذا سقط المثل عن الماليّة رأسا بحسب الشرع أيضا ، كما قوّى ذلك شيخنا قدسسره في «المكاسب» أيضا (١) ، وإن كان التحقيق بحسب القواعد هو ما قوّاه في «الجواهر» (٢) ، ولكن لا يخفى أن التبدّل بالقيمة ليس على نحو الإطلاق ، بل تعتبر القيمة للمثل في أقرب الأمكنة من محلّ تلف الماء إلى الشطّ ، وكذلك آخر الأزمنة من زمان الصيف أو مطلق الزمان من الأزمنة الّتي يفرض للجمد قيمة إلى زمان الشتاء ، وذلك لما عرفت من أنّ الحكم بالتبدّل إنّما هو مخالف للقاعدة ، وإنّما يكون ذلك بحكم العرف الّذي منشأه عدم بقاء المماثلة في الماليّة بعد سقوط المثل عن الماليّة رأسا ، ولا إشكال أنّ ذلك لا يقتضي إلّا اعتبار أوّل درجة من القيمة له ، إذ مع عدم سقوط المثل عن الماليّة رأسا حتّى يصل الماء إلى الشطّ مثلا ، ويفرض له في ما بين مكان التلف ونفس الشطّ مراتب من الماليّة ، فالالتزام بتبدّل المثل إلى القيمة من أوّل الأمر ـ وهو مكان التلف ـ لا وجه له ، بل التحقيق أنّ الالتزام بالتبدّل هو [عند] أوّل زمان سقوط المثل عن القيمة رأسا ، وليس هو إلّا أقرب الأمكنة إلى الشطّ حتّى لا
__________________
(١) المكاسب : ٣ / ٢٣٨.
(٢) لاحظ! جواهر الكلام : ٣٧ / ٩٩ و ١٠٠.