المسألة الرابعة : لو خرج المثل عن القيمة رأسا كالجمد في الشتاء فيما إذا أتلفه أحد من غيره في الصيف ، فهل يلحق ذلك بالتعذّر فيستحقّ المغصوب منه القيمة ، أم لا ، بل يتعيّن المثل؟
نقول : أمّا على ما تقتضيه قواعد الضمان في المقام هو عدم انقلاب المثل ، إذ قد عرفت أنّ قاعدة اليد في المثلي لا تدلّ إلّا على كون المثل في المثلي ثابتا على الذمّة حتّى يؤدّيه ، وأمّا قاعدة الإتلاف فقد يتوهّم كونها مقتضية للتبديل بالقيمة.
وتوضيح الوهم ودفعه ؛ هو أنّ ظاهر لفظ «من أتلف مال الغير» (١) الدالّ على ضمان مثله في المثليّات يدلّ على اعتبار الماليّة في التالف وما يتداركه ، ومن المعلوم أنّه عند سقوط المثل عن القيمة رأسا لا يبقى له ماليّة ، مع أنّ المثليّة للتالف إنّما اعتبرت لجهات أهمّها في الماليّة ، بل مناط صدق المثليّة هو التشخصّات المشتركة الموجبة للاستواء في الماليّة ، فعند عدم بقاء الماليّة فمن أين تبقى المثليّة؟
ودفع ذلك : هو أنّه لا إشكال في أنّ السقوط عن الماليّة على نحوين : أحدهما : ما أوجبه نقص في ذات المال ، ثانيهما : ما أوجبه تبدّل الزمان أو اختلاف المكان كالجمد في الشتاء أو الماء في ساحل الشطّ ، فإن أوجب نفس المال سقوطه عن الماليّة بحيث صار يصحّ سلب الماليّة عنه رأسا فمجال لما ذكر من الكلام ، وأمّا إذا لم يكن كذلك ، بل كان النقص مستندا إلى الخارج فلا دليل على تبدّل المثل بالقيمة ، ولا وجه للعدول عمّا تقتضيه ظواهر الأدلّة ، إذ لا
__________________
(١) جواهر الكلام : ٣٧ / ٦٠.