وإن لم تكن المسألة محرّرة إلّا في كلمات المتأخّرين ، خصوصا صورة العكس ، فراجع!
الثالثة : اختلفوا في تعيين ضابط التعذّر والفقدان ، فبعض جعله بأن لا يوجد المثلي في البلد الّذي تلف المال فيه (١).
وبعض أضاف إلى ذلك ما حول البلد أيضا من الجوانب الّتي اعتيد نقل مثل التالف منها إلى البلد (٢) ، وبعض أطلق (٣).
وبعض جعل الضابط الضرر والحرج ، بحيث إن أوجب تحصيل المثل الحرج فيصدق حينئذ الفقدان والتعذّر (٤) ، وأوكل في «جامع المقاصد» أمر ذلك إلى العرف وتحديدهم (٥) ، والأقوى الأخير.
بيان ذلك : أنّه لا يخفى أوّلا أنّ للتعذّر مراتب ، منها : التعذّر العقلي بأن اتّفق في زمان لا يوجد المثل أصلا.
ومنها : دون ذلك بأن يوجد ولكن في البلاد النائية.
ومنها : أن يوجد في المكان القريب ولكن مع ذلك كان حمله متعذّرا.
ومنها : أن يكون في البلد ولكن يكون تحصيله متعذّرا.
والجامع لجميع المراتب هو صدق الحرج ، ولمّا لا تصير إحدى هذه المراتب ضابطا ، فلقد أحسن من جعل الحدّ هو الحرج ، ولكنّ الإشكال في
__________________
(١) تذكرة الفقهاء : ٢ / ٣٨٣.
(٢) المبسوط : ٣ / ٧٦.
(٣) المكاسب : ٣ / ٢٣٨.
(٤) لاحظ! جواهر الكلام : ٣٧ / ٩٧.
(٥) جامع المقاصد : ٦ / ٢٤٥.