عنه جهلا ، إمّا بنفسه أو عالجه الطبيب ، بأن يقال بأنّه لمّا ارتكب بنفسه في الأوّل وأقدم على ذلك فهو أوجب سقوط الاحترام عن نفسه حيّا وميّتا ، فلا مقتضي لاحترام جسده بعد موته ، بخلاف الثاني ، فإنّه لمّا أقدم على المحرّم وهو الخياطة بخيط الغير على جرحه جاهلا بذلك ، فلا موجب لسقوط الاحترام عن جسده بعد موته ، بل يجب على كلّ أحد حفظ حرمته ، فلمّا يقع التعارض بين حفظ حرمته وحرمة مال الحيّ فالجمع بينهما بعد عدم ثبوت الترجيح يقتضي الحكم بأخذ المغصوب منه قيمة خيطه من تركة الميّت أو من بيت المال ، إن لم يكن له تركة ، كما أفتى بذلك في «الجواهر» في باب أحكام الميّت (١) وإن افتي بخلافه في المقام بترجيح رعاية حرمة الحيّ (٢).
والعجب ؛ أنّه كيف التزم بذلك مع أنّ المقام أولى بترجيح ملاحظة حال الميّت ورعاية الجمع بين الحقّين وكذلك رعاية الاحتياط ، لما أشرنا من لزوم إخراج الخيط مثلته غالبا ، بخلاف إخراجه عن أرض مغصوبة ، فتدبّر!
وكيف كان ؛ الفرق أيضا لا يخلو عن تأمّل جدّا ، ضرورة أنّ إقدامه على التصرّف في مال الغير لخياطته جرحه في حال حياته لا ربط له بحال موته الّذي خرج به عن التكليف وصار موضوعا لتكليف الأحياء ، فكيف يمكن الالتزام بأنّ إقدامه في حياته أسقط احترامه بعد وفاته المستلزم ذلك سقوط التكليف عن الأحياء وجواز ارتكابهم الحرام؟ فالأولى هو رعاية حال الميّت الآدمي واحترامه لو كان محترما مطلقا ـ أي لم يكن حربيّا ـ والجمع بين الحقّين بأخذ
__________________
(١) لاحظ! جواهر الكلام : ٤ / ٣٥٤.
(٢) ذكرى الشيعة : ٢ / ٨١.