والعقوبة ، فيعفى عن مرتكبها بشفاعة الأخيار ، واستدلوا على اثبات الشفاعة لمرتكب الكبيرة بقوله تعالى في حق الكافرين : ( فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ) وقالوا : لو كان لا شفاعة لغير الكافرين لم يكن بتخصيص الكافر بالذكر في تقبيح أمرهم معنى ، وبقوله صلىاللهعليهوآله : « شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي » ، والأخبار الكثيرة في خروج أقوام من النار.
الماتريدية قالوا بارجاء صاحب الكبيرة إلى مشيئة الله ، فقالوا : لو مات مرتكب الكبيرة من غير توبة فللّه فيه المشيئة إن شاء عفا عنه بفضله وكرمه ، أو ببركة ما معه من الايمان والحسنات ، أو بشفاعة بعض الأخيار ، وإن شاء عذبه بقدر ذنبه ثم عاقبة أمره الجنة لا محالة ولا يخلد في النار. ١ وقد ذهبوا إلى القول بالارجاء تبعاً لأبي حنيفة الذي كان يسمى مرجئياً لتأخيره أمر صاحب الكبيرة إلى الله ، وقد روي عنه أنه قيل له : ممّن أخذت الارجاء ؟ فقال : من الملائكة عليهمالسلام حيث قالوا : ( لاَ عِلْمَ لَنَا ). ٢
يقول البوطي : السلف هو القرون الأولى من عمر هذه الأمة. ٣ ومفهوم السلف لا يشير فقط إلى مرحلة زمنية معينة اختلف في تحديدها ، وإنما ارتبطت هذه الفترة الزمينة بمفهوم آخر هو الذي أعطى للسلف والسلفية مفهومه الاصطلاحي وهو ( الخيرية ) ، وهذا مفهوم استنبط من حديث رواه كل من البخاري ومسلم ، فعن عبد الله بن مسعود قال صلىاللهعليهوآله : « خير الناس قرني ، ثم الذين
________________
١. راجع : الماتريدي ، التوحيد ، ص ٣٨٣ ؛ تبصرة الأدلة ، ج ٢ ص ٧٦٦.
٢. راجع : الماتريدي ، التوحيد ، ص ٢٨٢ ؛ تبصرة الادلة ، ج ٢ ، ص ٧٦٦.
٣. نقلاً عن : السيد محمد الكثيري ، السلفية بين أهل السنة والامامية ، ص ٢٢.