القرآن الكريم يشدد في الوعيد على أكل الربا ، كما في قتل العمد ، فيهدد المتعاملين بالربا والمصرين عليه بالعذاب المخلد ، قال تعالى : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ). ١
الوعيد في هذه الآية عام يشمل الكفار والمؤمنين معاً ، ومن هنا يطرح نفس السؤال السابق ، وهو كيف يوجب ارتكاب الكبيرة من قبيل أكل الربا الخلود في النار بالنسبة للمؤمن ، مع أنّ المؤمن ليس مخلداً في النار بالاتفاق ؟
والجواب : هو أن الخلود في النار ليس معلولاً لمطلق أكل الربا ، بل هو مقيد بالعود وعدم الانتهاء بعد التحريم وهو قوله : ( وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ، قال العلامة الطباطبائي : وقوع العود في هذه الجملة في مقابل الانتهاء الواقع في الجملة السابقة ، يدلّ على أنّ المراد به العود الذي يجامع عدم الانتهاء ، ويلازم ذلك الاصرار على الذنب وعدم القبول للحكم ، وهذا هو الكفر أو الردة باطناً ، ولو لم يتلفظ في لسانه بما يدلّ على ذلك فانّ من عاد إلى ذنب ولم ينته عنه ولو بالندم ، فهو غير مسلم للحكم تحقيقاً ولا يفلح أبداً. ٢
وعموم جمهور المفسرين حملوا هذه الآية على الآكل المستحل له وهذا لا يكون إلّا كافراً. ٣
________________
١. البقرة ، ٢٧٥.
٢. تفسير الميزان ، ج ٢ ، ص ٤١٨.
٣. راجع : تهذيب الاحكام ، ج ٢ ص ٣٦٢ ؛ مجمع البيان ، ج ٢ ، ص ٣٩٠ ؛ التفسير الكبير ، ج ٧ ، ص ١٠١ ؛ تفسير المنار ، ج ٣ ، ص ٩٨ ؛ روح المعاني ، ج ٣ ، ص ٥١ ؛ تفسير المبيضاوي ، ج ١ ، ص ٥٧٥.