ويكلف به عامة الناس ويقال لهم : اذا رأيتم الهلال وسط النهار وهو خط الزوال فأتموا الصيام الى الليل ، وان رأيتموه قبله ولو بآن أو دقيقة من الزمان فافطروا ، وهم لا يقدرون على أن يخرجوا من عهدة هذا التكليف بأوسع من هذا ، وخاصة اذا كانوا في بلد لم يكن فيه من يرسم لهم الدائرة الهندية ، ويعلمهم كيفية معرفة خط الزوال ومنتصف ما بين الحدين.
ومن المعلوم أن ليس المراد بالوسط هنا ما بينهما المستوعب لاجزاء الزمان الواقع بينهما ، اذ لم يبق حينئذ بقوله « أو آخره » معنى يصح أن يجعل ظرفا لا تمام الصيام الى الليل.
على أن الوسط بهذا المعنى يستلزم المطلوب ، لانه اذا وجب على من رآه قبل الزوال أن يتم صومه الى الليل. فحينئذ لا محل للنزاع أصلا ، فتأمل ليظهر لك أن المراد بالوسط غير ما ذكره من المعنيين ، وليس الا ما تعارفه الناس.
ثم لا يذهب عليك أن الحكم المذكور في الخبرين اللذين صارا باعثين لتأويله هذه الاخبار مرتب على رؤيته قبل الزوال وبعده ، وهو قدسسره رتبه على رؤيته في نفس الزوال ، وذهب عليه أنه يخالف ما دلا عليه.
والظاهر أن الوجه فيه ما أشرنا اليه من أن ترتب الحكم على رؤيته وسط النهار المراد منه منتصف ما بين الحدين مما لا يصح تكليف عامة الناس به ، لتعذره أو تعسره.
ولعله لذلك قال صاحب الوافي في موثقة ابن عمار قوله عليهالسلام « واذا رأيته وسط النهار » يعني به قبل الزوال. وفي صحيحة ابن قيس « الا من وسط النهار أو آخره » يعني به بعد الزوال (١).
__________________
(١) الوافى ١١ / ١٢١ ـ ١٢٢.