اللهم الا أن يقال : ان رجوعها في البذل ما دامت في العدة بمنزلة النكاح مبتدأ متزلزل ، يستقر برجوعه فيها ، فان لم يرجع حتى انقضت العدة بطل هذا النكاح ولا رجعة له بعده فتأمل.
واعلم أن القائل بأن الرجعة كالعقد المستأنف لا يقول بإمكان طلاقها ثلاثا بعد الرجعة بدون الوقاع ، وانما يقوله من يقول ببقاء الزوجية ، والنكاح الأول بعد الطلاق.
ومع عزل النظر عن هذا الخلاف ، فالأولى بل الأحوط أن لا يطلقها بعد الرجعة إلا بعد الوقاع ، كما هو مذهب بعض أصحابنا ودل عليه بعض أخبارنا ، ولما كانت الرجعة نكاحا مبتدأ جاز وطؤها بنية الرجوع بغير لفظ يدل عليه.
ومنه يعلم أن استدلالهم على بقاء النكاح الأول وعدم زوال أثره بالكلية بقولهم ضعيف ، ومن ثم جاز وطؤها بنية الرجوع بغير لفظ يدل عليه ولا شيء ممن (١) ليست بزوجة يجوز وطؤها ، كذلك ضعيف.
لأنها لو كانت زوجة وكان النكاح الأول باقيا لجاز وطئها بغير نية الرجوع ، بل لا معنى حينئذ للرجوع ونيته ، لكنه لا يجوز وطئها بغير نية الرجوع ، فيظهر منه أنها ليست بزوجة ، وان النكاح الأول غير باق ، وانها وان لم تكن بعد الطلاق زوجة يجوز وطيها الا أنها بالرجعة التي هي نكاح مبتدأ صارت زوجة يجوز وطئها بغير لفظ دال عليه.
هذا. ويتفرع على الخلاف المذكور مسائل :
منها : ما لو عقد عليها زوجها في زمن عدتها عقدا منقطعا ، فإنه على القول الأول صحيح دون الثاني ، ولعل الصحة أقوى كما أومأنا إليه ، إذ لا شبهة في أن الطلاق محرم للنكاح ، وبعد تحريمه فكما صح تحليله بالرجعة وتصير حينئذ مستدامة ، صح تحليله بغيرها من النكاح المنقطع ونحوها ، إذ المقصود من الرجعة هو
__________________
(١) كذا في الأصل.