فليس هنا بعد تعمق النظر وتدقيقه وملاحظة الاطراف خبر صالح لتقييده وتخصيصه ، لان روايتي محمد بن قيس ومحمد بن عيسى وكذا موثقة اسحاق كلها مؤكدة لما دل عليه بعمومه على ما سنقرره إن شاء الله العزيز.
وأما رواية داود الرقي ، فبين ضعيفة ومجهولة ، ومع ذلك لها احتمالات كثيرة ، ومن المشهور بين الطلبة قولهم « اذا جاء الاحتمال سقط الاستدلال » فكيف يصلح لتخصيص حديث حسن أو تقييده.
على أن تخصيصه بما بعد الزوال يجعله قليل الفائدة بل عديمها ، اذ قل من يتوهم أن رؤية هلال شوال بعد الزوال يوجب الافطار ، أو لصحيحة حتى يحتاج في دفعه الى افادة ابتدائه بقوله : من رأى هلال شوال بنهار في رمضان فليتم صيامه ، فتأمل.
واعلم أن أبان بن عثمان الاحمر ممن أجمعت العصابة على تصديقه وتصحيح ما يصح عنه ، وهذا يكفي في اعتباره اذا روى عن معتبر رواته وتفيد أكثر من التوثيق.
لا يقال : قوله تعالى « إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ » (١) يوجب عدم اعتبار أمثاله ، فانه لا فسق أعظم من عدم الايمان.
لانا نقول : الفسق هو الخروج عن طاعة الله مع اعتقاده الفاسق كذلك ، ومثل هذا ليس كذلك ، فان هذا الاعتقاد عند معتقده هو الطاعة لا غير والاولى أن الاجماع خصصه.
قال الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : ان متأخري أصحابنا ربما يسلكون طريقة القدماء في بعض الاحيان ، ويصفون بعض الاحاديث الذي في سنده من يعتقدون أنه ناووسي بالصحة ، نظرا الى اندراجه في من أجمعوا على تصحيح
__________________
(١) سورة الحجرات : ٦.