أقول : فيه أنه لا يصدق عليه أنه استأنف للمسح ماءا جديدا ، بأن كان وضع يديه في الماء ، ثم مسح بذلك الماء رجليه ، كما هو من دأب المخالفين ، وهو ممنوع منه.
بل يصدق عليه أنه استعمل فيه نداوة الوضوء مما بقي في يديه من البلل وجفاف أعضاء المسح ، كما يقتضيه كلامه ليس بشرط في صحة الوضوء ، ولا يدل عليه شيء من الاخبار ، بل كثير منها المذكورة في التهذيب وغيره يشعر بخلافه والاصل واطلاق الامر وصدق الامتثال يقتضي صحته. وقد ورد « كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي » (١) وهذا مما لم يرد فيه نهي.
نعم الاولى والاحوط أن يرفع رؤوس أصابعه بعد اخراجها من الماء ويخفض عقبه ويصبر هنيئة ليميل الماء بأجمعه الى العقب ، وهو لا ينافي الموالاة ، ثم يمسح عليها كما هي ليكون ذلك أبعد من احتمال التقاطر والاستئناف.
وقال العلامة في المنتهى : ولو مسح العضو وعليه بلل يكون المسح مجزيا (٢) وهو خيرة ابن ادريس ، بل صرح المحقق في المعتبر بما هو أبلغ من ذلك ، فقال : لو كان في ماء وغسل وجهه ويديه ثم مسح برأسه ورجليه جاز ، لان يديه لم تنفك عن ماء الوضوء ، ولم يضره ما كان على قدميه من الماء (٣).
وقال الشهيد في الذكرى : لو غلب ماء المسح رطوبة الرجلين ارتفع الاشكال (٤).
وظني أن الغلبة غير معتبرة في صحة الوضوء ، لما سبق من الاصل واطلاق
__________________
(١) عوالي اللئالي ٣ / ١٦٦ و ٤٦٢.
(٢) منتهى المطلب ١ / ٤٣.
(٣) المعتبر ١ / ١٦٠.
(٤) الذكرى ص ٨٩.