وأمّا رابعاً ؛ فلأنّ ما احتجّ به من عدم الخلاف غير وارد من وجوه :
الأوّل : أنّه إنّما وقع تبعاً لابن إدريس كما هو نصّ كلامه ، وقد عرفت ما فيه من دعوى الإجماع في موضع النزاع ، كدعواه الإجماع على وجوب إخراج الفطرة عن الزوجة الغير الواجبة النفقة كالناشز والصغيرة مع عدم الدخول والتمكين (١) ، وعلى استحباب الغسلة الثانية في الوضوء (٢) ، وعلى قوله عليهالسلام : « إذا بلغ الماء كرّاً لم يحمل خبثاً (٣) » (٤) ، وعلى طهارة الماء النجس بإتمامه كرّاً (٥) ، مع أنّ هذه الدعوى عارية عن الدليل عادمة السبيل.
أمّا الأُولى ؛ فلأنّه لم يقل بذلك القول أحد سواه ، كما صرّح به شيخنا العلّامة المبرور الشيخ حسين آل عصفور في ( الرسالة الزكاتيّة ) ، وفتوى الأصحاب أنّما هو بالتقييد بحال العيلولة تبرّعاً.
وأمّا الثانية ؛ فلمخالفة جمّ غفير من قدماء الأصحاب كالشيخ الصدوق (٦) ، وثقة الإسلام الكليني (٧) ، والثقة الجليل أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي في جامعه نقلاً عنه (٨).
وأمّا الثالثة ؛ فلما صرّح به المحقّق الأوّل في ( المعتبر ) (٩) ، والمحقّق الثالث في ( المعالم ) ، من أنّ هذا الخبر غير مرويّ في كتب الأخبار ، بل هو من الأحاديث المرسلة التي لا تعويل عليها ، واستعجابهما من نقل الإجماع من المخالف والمؤالف عليه.
وأمّا الرابعة ؛ فقد ردّها المحقّق الأوّل (١٠) بأنّه لم يقف عليه في شيء من كتب الأصحاب ، ولو وُجد كان نادراً ، بل ذكره المرتضى (١١) في مسائل متفرّدة ، وبعده اثنان أو ثلاثة ممّن تابعه ، ودعوى مثل هذا إجماعاً غلط ، إلى غير ذلك من المواضع التي
__________________
(١) السرائر ١ : ٤٦٦. (٢) السرائر ١ : ١٠٠.
(٣) غوالي اللئلئ ١ : ٧٦ / ١٥٦. (٤) السرائر ١ : ٦٣.
(٥) السرائر ١ : ٦٣.
(٦) الفقيه ١ : ٢٩ / ذيل الحديث ٩٢.
(٧) الكافي ٣ : ٢٧ / ذيل الحديث ٩.
(٨) عنه في السرائر ٣ : ٥٥٣.
(٩) المعتبر ١ : ٥٢ ٥٣.
(١٠) المعتبر ١ : ٥٣.
(١١) عنه في المعتبر ١ : ٥٣.