أقول : الوجه الحسن في هذا الحَسَن وهو الموافق للقول المشهور المؤيّد المنصور أنْ يكون قول الراوي : ( فجهر وقنت وسلم ) إخبار عمّا شاهده من فعل الإمام عليهالسلام في أوقات صلاته في ذلك المسجد الحرام من الأفعال الموافقة للعامّة والمخالفة لأُولئك الطغاة الطغام.
فمنها : أنّه جهر بالبسملة مرّتين ، أي : في وقتين من أوقات صلاته هنالك ؛ لعدم حضور أحد من العامّة في ذينك الوقتين من العداة الموقعين في المهالك ، فيتّجه الاستدلال به للمشهور حيث أخبر الراوي أنّ الإمام عليهالسلام جهر بالبسملة في ذينك الوقتين من غير تقييد بالأُوليين.
ويؤيّده أمران : الأوّل : إخبار الراوي أيضاً بعد فعله بما هو من شعار الإماميّة ما هو من شعار تلك الفرقة الغويّة من تخصيص القنوت في الفجر وتسليمة واحدة ممّا يلي القبلة ، ولهذا ترى جمعاً ممّن استدلّ به للمشهور أنّما يقتصرون على إخباره بالجهر ؛ بناءً على أنّه أحد الأُمور التي شاهدها في تلك الأوقات من أفعال الهداة والعداة.
الثاني : الاستدلال به من أفاضل المحقّقين وجهابذة المدقّقين ممّن أُمِنَ عثارُهم في التحقيق ، ولم يشقَ غبارُهم في التدقيق ، كالسيّد السند (١) ، وبهاء الملّة والدين (٢) ، وغيرهما من المحدّثين والمجتهدين الأعلمين على القول المشهور ، والله المستعان في الورود والصدور.
فاندفع بهذا التقرير قوله : ( إنّ هذه الرواية مشعرة بوقوع الجهر في الأُوليين ) ، كما لا يخفى على الناقد البصير والمتتبّع الخبير.
وأمّا قوله : ( ويستفاد منها وسابقتها ترك الجهر بالبسملة في السورة أو ترك السورة ) .. إلى آخره ، فلا يخفى ما فيه من النظر على ذي نظر ؛ أمّا ترك الجهر بالبسملة أو تركها هي في صحيحة صفوان فلأنّه وإنْ خلت منهما بطريق الشيخ في ( التهذيبين ) (٣) إلّا إنّها
__________________
(١) مدارك الأحكام ٣ : ٣٦٠.
(٢) الحبل المتين : ٢٢٨ ٢٢٩.
(٣) التهذيب ٢ : ٦٨ / ٢٤٦ ، الإستبصار ١ : ٣١٠ ٣١١ / ١١٥٤.