قد اشتملت بطريق الكليني على الأمرين لقوله فيها : ( وكان يجهر في السورتين جميعاً ) (١) ، وهي نصّ في الباب ، فكن سميعاً ، وكأنّه قصر النظر [ على (٢) ( التهذيب ) ، وما كلّ داء يعالجه الطبيب.
وأمّا تركهما في هذه الحسنة والاستدلال عليه بتلك الروايات الغير المستحسنة ، فكلاهما واضح السقوط بما قرّرناه لمن كان خالياً من السنَة ولزم الإنصاف واستحسنه.
وأمّا قوله : ( وإنْ كانت الصلاة جهريّة ) .. إلى آخره.
ففيه : أنّه لو كانت الصلاة جهريّة لم يكن وجه للإخبار بالجهر بالبسملة وحدها مع أنّ القراءة كلّها جهريّة ، وكان خالياً من الفائدة بالكلّيّة ؛ لانتفاء فائدة الخبر واللازم ، كما يحكم به المتتبّع الحاذق الحازم.
وأمّا قوله : ( فلم تبقَ إلّا صحيحة صفوان ) فهو من البطلان بمكان :
أمّا أوّلاً ؛ فلما قرّرناه من دلالة هاتين الروايتين على الجهر في الأُوليين والأخيرتين.
وأمّا ثانياً ؛ فلأنّ رواية رجاء بن أبي الضحّاك المتضمّنة لحكاية فعل الرضا عليهالسلام صريحة في الجهر في الأُوليين ؛ لأنّه بعد أنْ قال : ( وكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع صلواته بالليل والنهار ) قال أيضاً : ( وكان يسبّح في الأُخراوين ، يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إلهَ إلّا الله والله أكبر. ثلاث مرّات ) (٣) ، وهي نصّ صريح في الباب كما لا يخفى على اولي الألباب ، وكان الذي أوجب له ذلك قصر النظر على الاستدلال في ما ذكره سيّد ( المدارك ) (٤).
فإنْ قيل : هذا الخبر ينافي الحكم بالجهر بالبسملة في الأخيرتين.
قلتُ : لا منافاة بين الأمرين ، بل يؤيّد ما قلناه بلا مَيْنٍ (٥) ؛ أمّا عدم المنافاة فلأنّ جهرة بها في الأُوليين لا يدلّ على عدم الجواز في الأخيرتين ؛ لأنّه لم يكن يقرأ في
__________________
(١) ] الكافي ٣ : ٣١٥ / ٢٠.
(٢) في المخطوط : ( عن ) ، وما أثبتناه أنسب.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٨٢ ١٨٣.
نقول : ورد في المصدر : ( وكان يسبّح في الأخراوين .. ثلاث مرات ) قبل : ( وكان يجهر .. بالليل والنهار ).
(٤) انظر ص ٣١ هامش ١.
(٥) المَيْنُ : الكذب. لسان العرب ١٣ : ٢٣٦ مين.