الظهر أو العصر ، فإنّه يتمكّن من إتمام صلاته بنيّة ما نواه حين الشروع ظهراً أو عصراً ، فإنّه لا ريب أنّه قد نوى حين الشروع واقعاً شيئاً ، فإذا أتمّ صلاته بهذه النيّة فقد أحرز المنْويَّ واقعاً ، ومثل هذا الترديد لا ينافي الجزم بما في الواقع ، ثمّ يأتي بعد الفراغ برباعيّة اخرى بنيَّة الفريضة الأُخرى التي لم ينوها ، فإنّ هذه النيّة تحرز الصلاة الأُخرى ولا تنافي الجزم بما في الواقع وإنْ وقع التردّد في العنوان بين كونها ظهراً أو عصراً.
الثالثة : إلّا يتمكّن من ذلك لا بنيَّة تفصيليّة ولا ترديديّة ، كأنْ يعلم أنّه صلّى الظهر فشرع في فريضة وشكّ في أثنائها أنّه شرع فيها بنيّة الظهر لنسيان أنّه صلّاها أم بنيّة العصر لتذكّره ذلك ، فإنّه لا يتمكّن من إتمامها بنيّة تفصيليَّة ولا ترديديَّة :
أمّا الأُولى ؛ فلعدم علمه بالنيَّة التي أوقعها أوّل صلاته ، فقد تكون بالنيَّة التي يتمّ بها صلاته من حين الشكّ مخالفة للنيَّة التي كان الشروع عليها ، فتتركّب صلاته من ظهر وعصر ، ولا دليل على جواز العدول من اللاحق إلى السابق ليتمّها بنيّة الظهر ، كما جاز العدول من السابق إلى اللاحق في الصورة الأُولى.
وأمّا الثانية ؛ فلأنّه لو أتمّ صلاته بنيّة ما شرع فيه أمكن أنْ يكون قد شرع بنيّة الظهر لغفلته عن كونه صلّاها ، فتبطل صلاته حينئذٍ لفراغ ذمّته عن صلاة الظهر.
أمّا الاولى فلا إشكال في الحكم فيها بصحّة الصلاة ؛ لاشتمالها على النيَّة التفصيليَّة وليس فيها ما يوجب البطلان.
وأمّا الثانية فالظاهر فيها أيضاً الصحّة ؛ لأنّ الترديد في النيَّة وعدم إحراز العنوان لا ينافي الجزم بما في الواقع ، وهو كافٍ في تمييز العمل ، إذ لا يعتبر في النيّة أزيد من ذلك ، كما ورد فيمن علم أنّه فاتته فريضة مردّدة بين الخمس : أنّه يصلّي ثنائيّة بنيّة الصبح ، وثلاثيّة بنيّة المغرب ، ورباعيّة مردّدة بين الظهرين والعشاء (١).
وعلّل بأنّه إذا فعل هذا أحرز ما عليه ، فيدلّ على كفاية إحراز العمل بنيّة ما في
__________________
(١) انظر : المحاسن ٢ : ٤٧ / ١١٣٩ ، الوسائل ٨ : ٢٧٦ ، أبواب قضاء الصلوات ، ب ١١ ، ح ٢.