ووجه عدم المضايقة أنّ أدلّة قاعدة الشكّ بعد تجاوز المحلّ حاكمة على أدلّة الأُصول العدميّة التي لا ينفك مورد القاعدة عنها ، فقوله عليهالسلام : « إذا شككت في شيء ودخلت في آخر فشكّك ليس بشيء » (١) يدلّ على أنّ للشكّ حكماً في الشريعة ، وهو منفي على تقدير وقوعه بعد تجاوز المحلّ.
فالشكّ في الإتيان بالركوع وعدمه له حكم ، وهو إجراء أصل العدم فيه ، والعمل على ما يقتضيه عدم الإتيان به ، ومقتضى هذه القاعدة عدم جريان هذا الحكم عليه بعد التجاوز وهو ظاهر. وحينئذ ، فمورد القاعدة مجرى الأُصول العدميّة ، وقد تقرّر في تعارض الأصلين أنّ أحدهما إذا لم يترتّب عليه أثر يجري الآخر من غير معارض ، فلتكن هذه القاعدة كذلك.
وأمّا أصالة الصحّة ، فهو إمّا أن يجري في فعل الغير أو فعل نفسه ، وكلامنا في الثاني. فالشكّ فيه ؛ إمّا أن يكون قبل التجاوز ، أو بعده. فعلى الأوّل لا بدّ من الإتيان به ، وعلى الثاني يرجع إلى الشكّ بعد تجاوز المحلّ ، مع أنّ مورد أصالة الصحّة صورة الشكّ في وجود المانع الثابتة مانعيّته ، أو مانعيّة ما ثبت وجوده ، لا في عدم ما يوجب البطلان الذي هو بنفسه مطابق للأصل ، فتأمّل.
وأمّا أصالة عدم المبطل ، ففيها أنّ أصالة عدم السجدتين حاكمةٌ عليها ومزيلةٌ لها ؛ لأنّ الشكّ في عروض المبطل وعدمه مسبّبٌ عن الشكّ في الإتيان بالسجدتين في كلّ ركعة وعدمه ؛ فإذا جرى الأصل في السبب لم يبقَ مجرًى للأصل في الطرف الآخر ، وحيث لم يقم دليل على الصحّة فلا ريب أنّ مقتضى قاعدة الشغل هو الاحتياط ، وهو يحصل ؛ إمّا بإتمام الصلاة وقضاء السجدتين والإتيان بسجدتي السهو مرّتين ثمّ استئناف الصلاة ، وإمّا برفع اليد عن الصلاة والاقتصار على الاستئناف من غير حاجة إلى الأمرين.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٣٥٢ / ١٤٥٩ ، الوسائل ٨ : ٢٣٧ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٢٣ ، ح ١ ، البحار ٨١ : ١٦٤ / ٦٨ ، البحار ٨٥ : ١٥٧ / ٩ ، وفي الجميع بلفظ : « إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكُّك ليس بشيء ».