وعن ابن عمر : قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : « مَنْ أحبَّ أنْ يأتي الجمعة فليأتِها ، ومَنْ أحبَّ أن يتخلّف فليتخلّف » (١).
وعن وهب بن كيسان ، قال : ( وافقت يومُ الجمعة يوم عيد على عهد ابن الزبير ، فأخّر الصلاةَ ، ثمّ خرجَ فصلّى العيد ، ثمّ خطبَ ، فنزل وصلّى ركعتين ، ودخلَ ولم يخرج إلى الجمعة. فعاب قومٌ من بني أُميّة. وكان ابنُ عباس باليمن ، فلمّا قدِم ذُكر ذلك له ، فقال : أصاب السنّةَ ) (٢).
وفي بعض الأخبار : ( ذكر ذلك لابن الزبير ، فقال : كان مثلُ هذا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ففعلَ ذلك ) (٣).
وما ذكر فيه من صلاة ركعتين بعد خطبة العيد موافقٌ للمنقول عن الحنفية (٤) ، من جواز التنفّل بعد صلاة العيد. وأكثرهم على خلافه (٥) ؛ ولهذا لم يذكره الشعراني في رواية ابن الزبير.
ورووا أنّ معاوية سأل زيدَ بن أرقم : هل شهدتَ رسول الله صلىاللهعليهوآله صلّى عيدين في يومٍ واحدٍ؟ فقال : نعم ، وخرج النبيّ صلىاللهعليهوآله فصلّى العيد ، ورخّص في ترك الجمعةِ (٦).
وهذه الأخبارُ بأسرها دالّةٌ بإطلاقها على سقوط تعيّن الحضور للجمعة على مَنْ صلّى العيد مطلقاً نائياً أو قريباً. وهو ردٌّ على مَنْ أوجَبَ منهم الحضورَ حتى على النائي ، كما هو المنقول عن أبي حنيفة ومالك والشافعي (٧).
وأمّا ما رواه الإمام مسلم في صحيحه ، بإسناده عن النعمان بن بشير ، قال : ( كان رسولُ الله صلىاللهعليهوآله يصلّي في العيدين وفي الجمعة بـ ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ) (٨) ( وهَلْ أتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيةِ ) (٩). وإذا اجتمعَ الجمعةُ والعيدُ في يومٍ واحدٍ قرأ بهما في
__________________
(١) سنن ابن ماجة ١ : ٤١٦ / ١٣١٢ ، باختلاف. (٢) سنن النسائي ٣ : ٢١٦ / ١٥٩١ ، باختلاف.
(٣) الخلاف ١ : ٦٧٤. (٤) رحمة الأُمّة في اختلاف الأئمّة : ٦٠.
(٥) رحمة الأُمّة في اختلاف الأئمّة : ٦٠.
(٦) سنن أبي داود ١ : ٢٨١ / ١٠٧٠ ، سنن النسائي ٣ : ٢١٥ / ١٥٩٠ ، الخلاف ١ : ٦٧٥ ، بتفاوت فيها.
(٧) بداية المجتهد ١ : ٢٢٤. (٨) الأعلى : ١.
(٩) الغاشية : ١.