سنذكره من اختيار طريقة القدماء وردّ طريقة المتأخّرين ، فاستحسنه وأثنى عليّ *.
______________________________________________________
* الّذي فهم من بعض من صاحب الميرزا رحمهالله وخالطه خلاف ما ادّعاه عنه ، وأنّه أزرى عليه وتكلّم ، لمّا فهم منه أنّه يدّعي لنفسه أهليّة التصرّف في الأحكام الشرعيّة. ولو كان الميرزا محمّد رحمهالله رأى كلامه حقّا وصوابا كان يجب عليه أن يتوب إلى الله ممّا اجتهد نفسه فيه وتفرّد بتحقيقه في أحوال الرجال ونقل القدح فيهم الّذي لا يجوز إلّا للضرورة والاحتياج ، وقد عرّفه المصنّف الغنى عن ذلك بثبوت أحاديث الكتب الأربعة وبالقطع بصحّة جميع ما فيها ، فأيّ حاجة بقي لنا في التعب في بيان صحيح رجال سندها من ضعيفه ، لأنّ على دعوى المصنّف أنّ الكتب الأربعة أخذها مؤلّفوها من الاصول الثابتة النقل عن الأئمّة عليهمالسلام عند المؤلّفين ، والكتب الأربعة عندنا ثابتة بالتواتر أيضا ، فما أجهدوا فيه أنفسهم أصحاب كتب الرجال من ـ الميرزا أو غيره ـ من زمن السفرة رحمهالله فضول بل غفلة وذهول ، لأنّ من المعلوم : أنّه ليس لهم قصد في ذلك إلّا لأجل تميز صحيح الحديث من ضعيفه وكانوا أيضا ـ أصحاب الحديث ـ في غنية عن ذكر السند بتمامه ، ويكفيهم فيه بيان الأصل المأخوذ الحديث منه من تلك الاصول المحقّقة. واحتمال إرادة التبرّك باتّصال السند أمر بعيد لا يقتضي هذه المحافظة الّتي حافظوها في ذلك : مع أنّه لا يعادل توهّم الضعف في غالب الأحاديث عند من لم يطّلع على مرادهم ولا نبّهوا في كتبهم عليه. هذا مع ما أشرنا إليه سابقا من بطلان هذه الدعوى بأوضح دليل.
والمصنّف يلزمه أن يعتقد في « الميرزا محمّد » ما يعتقده في غيره ممّن تبع العلّامة على زعمه ، لأنّ الميرزا أيضا سلك على منوالهم في الأخبار وغيرها ولم يظهر منه مخالفة لهم ، وتعبه في معرفة الرجال صريح في خلاف ما يتوهّمه المصنّف ، فكان يجب عليه حيث إنّه شيخه وقرينه أن ينقذه من هذه الضلالة الكبرى والطخية العمياء ليرجع إلى الحقّ ، ويريه جميع الآيات الّتي منحه الله إيّاها واختصّت الأئمّة عليهمالسلام بها من دون العالم المتقدّم يقظة ومناما. والميرزا رحمهالله كان من أهل الحقّ والتقوى والديانة ، فكان بأدنى إشارة إذا عرف الحقّ يجب عليه إظهاره وإنقاذ المضلّين ممّن كان يعتقد في العلماء المتقدّمين أنّهم على الصواب (١) وأن يحذّر من اتّباعهم على الخطاء ، لأنّ الهداية واجبة لمن أمكنته ، والإنقاذ من الضلال كذلك. وكان يجب على الميرزا ان ينبّه على خطائه في اعتماد ما في كتابه لئلّا يتوهّم متوهّم إذا رأى مسندا في الكتب الأربعة ورأى في كتابه
__________________
(١) كذا ، وفي العبارة اغتشاش ، وهكذا فيما يأتي.