الصلاة ، والنجاسة مانعة من صحّتها ، لاستفادته من الشارع ، ولا طلب فيه ولا تخيير ، إذ ليس من أفعالنا حتّى يطلب منّا أو نخيّر فيه. وتكلّف المقتصر على الأوّل بمنع كونها أحكاما ، بل هي أعلام له ، أو بعودها إليهما (١). وهو تكلّف بعيد. ومع ذلك فيتخلّف كثيرا في أفعال غير المكلّفين (٢) انتهى كلامه أعلى الله مقامه.
وأنا أقول : لا بدّ من تلك الزيادة ، لأنّه من المعلوم : أنّ الجعل المذكور معنى مغاير للأحكام الخمسة ، وأنّ له آثارا مغايرة لآثارها وأنّه مستفاد من الشارع *.
لا يقال : قد تقرّر في موضعه أنّه لا مشاحّة في الاصطلاح ، ولكلّ أحد أن يصطلح على ما يشاء ، فيجوز أن يكون تخصيص الحكم الشرعي بما عدا الوضعي من باب الاصطلاح لا من باب المنازعات المعنوية.
لأنّا نقول : قد تقرّر في موضعه أنّ اصطلاحات أهل كلّ فن ينبغي أن يكون على وجه يناسب غرض الفنّ. ومن المعلوم : أنّه كلّما تعلّق الغرض بالأحكام الخمسة تعلّق بالأحكام الوضعية. وبالجملة ، إخراج هذا النوع من الخطاب عن الحكم الشرعي غير سديد.
ثم قال : (٣) من فروع كون الحكم الشرعي لا بدّ من تعلّقه بأفعال المكلّفين أنّ وطء الشبهة القائمة بالغافل ـ وهو ما إذا وطئ أجنبية ظانّا أنّها زوجته مثلا ـ هل يوصف بالحلّ أو بالحرمة وإن انتفى عنه الإثم ، أو لا يوصف بشيء منهما؟ فاللازم من القاعدة : الثالث ، لأنّ الساهي ليس مكلّفا. وربّما أبدل بعضهم « المكلّفين » بالعباد ، ليدخل مثل ذلك ، التفاتا إلى تعلّق الحكم الشرعي بكثير من غير المكلّفين كضمان الصبيّ ما يتلفه من الأموال ويجنيه على البهائم. والأشهر اعتبار القيد وجعل المكلّف بذلك هو الولي. وعلى هذا يتفرّع جواز وصف فعل الساهي للمحرّم
______________________________________________________
* من استغنى عن قيد الوضع لم يخصّ الاقتضاء بالصريح بل عمّم ما يشمل الضمني وأرجع ما خرج عن التعريف إلى الإباحة والتخيير ، فلا احتياج إلى زيادة ، لأنّه معلوم ضمنا وتبعا.
__________________
(١) في المصدر : إليها.
(٢) تمهيد القواعد : ٢٩.
(٣) الشهيد الثاني قدسسره.