الصحيحة البيّنة الواضحة الّتي لا تصلح لأن يرتاب فيها أحد.
وبالجملة ، كتاب من لا يحضره الفقيه كاف لنا في حصول القطع العادي بورود الحكم عنهم عليهمالسلام في جميع أبواب الفقه ، فما ظنّك إذا انضمّ إليه كتاب الكافي مع ما ذكره مصنّفه في أوائله من صحّة كلّ ما فيه ، وإذا انضمّ إليه كتاب رئيس الطائفة مع ما ذكره مصنّفهما من أنّه لم يعمل إلّا بالأحاديث المأخوذة من الاصول المجمع على صحّتها وبعد التنزّل عن هذا المقام ، أقول : هذه الرواية متواترة المعنى *.
وأمّا النصيحة اللطيفة فأقول كأنّي أنظر إلى جماعة من الجهلة المنتسبين إلى
______________________________________________________
* أقول : إنّ ما في الكافي غير صريح في حكمه بصحّة ما فيه بمعنى الثبوت والقطع ، وإنّما المعلوم منه : أنّ الرجوع إليه والأخذ منه والعمل بالآثار الصحيحة ممّا فيه عن الصادقين عليهماالسلام يؤدّي الإنسان بذلك فرض الله سبحانه وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله ثمّ إنّه ذكر اختلاف الروايات عنهم عليهمالسلام وأنّه لا يسع أحد التمييز بين شيء منها برأيه إلّا على ما أطلقه العالم عليهالسلام بقوله : اعرضوها على كتاب الله (١) إلى آخر كلامه ، ثمّ اختار رحمهالله قول الصادق عليهالسلام بأيّهما أخذتم من باب التسليم وسعكم (٢) وتصريحه باختلاف الروايات وأنّه لا يسع أحد التمييز بينها والاحتياج إلى عرضها على كتاب الله عند تعذّر التمييز يقتضي جواز عدم صحّة بعضها ، ولو كانت كلّها صحيحة ما قبلت هذا الاختلاف المتناقض. ولا سبيل إلى حمل كلّ ما خالف على التقية وإلّا لأمر به الإمام عليهالسلام من أوّل الأمر.
وأيضا لا وجه لاحتمال أن تكون أحاديث التقية مدوّنة مع أحاديث الشيعة في الاصول المراد بها حفظ دين الشيعة ، لأنّ ذلك لا يجامع ضرورة التقيّة الّتي اقتضت تدوينها معها بوجه من الوجوه ، وقد نبّهنا على ذلك فيما تقدّم.
وأمّا الصدوق رحمهالله فقد ذكر ما يدلّ بظاهره على ذلك ، لكن رأيناه في بعض فتاويه يذهب إلى خلاف ما أورده من الحديث ويورد الأخبار المقطوع بضعفها وعدم العمل بها بين الأصحاب. والكتب الّتي حصلت الإشارة إليها لم يثبت صحّة جميع ما تضمّنته ، لأنّ الكتب المنصوص عليها عن الأئمّة عليهمالسلام كتب مخصوصة محصورة لا تستوعب جميع الاصول الّتي أخذوا منها. ويكفي
__________________
(١) الكافي ١ : ٨.
(٢) الكافي ١ : ٩.