وفي حقّ الجواد عليهالسلام قد كان من تلامذته فضلاء كالحسين بن سعيد وأخيه الحسن وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي وأحمد بن محمّد بن خالد البرقي وشاذان بن الفضل القمّي وأيّوب بن نوح بن درّاج وأحمد بن محمّد بن عيسى ، وغيرهم ممّن يطول تعدادهم ، وكتبهم الآن منقولة بين الأصحاب دالّة على العلم الغزير *.
وذكر : لمّا كان فقهاؤنا ـ رضوان الله عليهم ـ في الكثرة إلى حدّ يعسر ضبط عددهم ويتعذّر حصر أقوالهم ، لاتّساعها وانتشارها وكثرة ما صنّفوه ، وكانت مع ذلك منحصرة في أقوال جماعة من الفضلاء المتأخّرين اجترأت بإيراد كلام من اشتهر فضله وعرف تقدّمه في نقل الأخبار وصحّة الاختيار وجودة الاعتبار ، واقتصرت من كتب هؤلاء الأفاضل على ما بان فيه اجتهادهم وعرف به اهتمامهم وعليه اعتمادهم ، فممّن اخترت نقله : الحسن بن محبوب وأحمد بن محمّد بن أبي نصر
______________________________________________________
* إنّ من اطّلع على كثرة الأحاديث الواردة في القدح في أغلب من ذكره من الفضلاء عن أئمّتهم في زمانهم عرف كثرة الأحاديث الموضوعة في ذلك الزمان فضلا عن غيره ، بحيث لا يتحمّل حملها على التقيّة ، وفي حديث الفيض بن المختار من رواية الكشّي عن أبي عبد الله عليهالسلام حيث قال له : جعلني الله فداك! ما هذا الاختلاف الّذي بين شيعتكم؟ قال وأيّ الاختلاف يا فيض ، فقال له الفيض : إنّي لأجلس في حلقهم بالكوفة فأكاد أشكّ في اختلافهم في حديثهم حتّى أرجع إلى المفضّل بن عمر فيوافقني من ذلك على ما تستريح إليه نفسي ويطمئنّ إليه قلبي ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : أجل هو كما ذكرت يا فيض إنّ الناس أولعوا بالكذب علينا ، إنّ الله الّذي افترض عليهم لا يريد منهم غيره ؛ وإنّي احدّث أحدهم بالحديث فلا يخرج من عندي حتّى يتأوّله على غير تأويله ، وذلك إنّهم لا يطلبون بحديثنا ما عند الله وإنّما يطلبون به الدنيا ... إلى آخر الحديث (١).
وإنّما نقلنا هذا الحديث ليعلم كثرة الأحاديث الضعيفة واختلاطها من ذلك الوقت ، والاحتياج إلى تمييزها والبحث عنها ، فكيف في مثل هذا الزمان مع تصريح مؤلّفي الحديث في أوائل كتبهم بكثرة التضادّ والاختلاف منه والاشتباه ، ولم ينبّهوا صريحا على أنّ ما نقلوه كلّه سليم عن ذلك وأنّهم ما دوّنوه من الاصول صحيحة لا تحتمل الضعف.
__________________
(١) الكشّي : ١٣٥ ، الرقم ٢١٦.