لأنّا نقول (١٢) : وجوبه للصلاة تكليف غير التكليف الأوّل ، فلو كان واجبا لغير الصلاة ، لزم وجوبه مرّتين ، إذ الوجه في وجوبه في وقت الصلاة كونه وصلة إلى فعلها ، فيكون ذلك هو المقتضي لوجوبه ، فلا يتحقّق ذلك الوجوب قبله ، لانتفاء الوجه المقتضي للوجوب ، فلو وجب قبل ذلك لوجب لا للصلاة ، بل لاشتماله على مصلحة أخرى اقتضت وجوبه قبل ذلك ، ولو كان كذلك لما جاز الاقتصار على فعله للصلاة حسب ، لأنّه كان يلزم الإخلال بتلك المصلحة وهو مناف لعناية الشرع.
وأمّا المعارضات بالأحاديث ، فالجواب : أن نقول : إطلاق الوجوب يقتضي التعجيل ، فإذا دلّ الدليل على عدم إرادته ، بقي الوجوب المطلق الذي يصدق بالدوام والاشتراط ، فإذا علم وجوبه في موضع من المواضع كفى ذلك في العمل بمقتضى الأمر ، واقتصر على تنزيله عليه ، وقد علم أنّ وجوب الغسل ليس معجّلا وعلم وجوبه إذا كان وصلة إلى واجب لا يصحّ إلّا به فيكفي ذلك في تنزيل الوجوب عليه.
لا يقال : تنزيل الوجوب على فعله بشرط إرادة الصلاة يقتضي أن لا يكون واجبا قبل ذلك. قلنا (١٣) : صحيح ، ولكن إطلاق الوجوب أعمّ من الوجوب في الحال ، إذ الوجوب قد يطلق مع كلّ واحد منهما ، لأنّا قد نقسّم الوجوب إلى المطلق والمشروط ، ومورد التقسيم مشترك بين قسمية ، فالواجب المشروط وإن لم يكن واجبا في الحال فإنّه يطلق عليه الوجوب نظرا إلى وجود سببه ، كما يقال : غسل الحيض واجب عند الانقطاع ، وكذا قوله عليهالسلام : إذا نامت العين والسمع وجب الوضوء (١٤) ، وليس الوضوء واجبا ولا غسل الحائض باتّفاق الكلّ
__________________
(١٢) كذا.
(١٣) كذا.
(١٤) لم أجده بهذا اللفظ راجع الوسائل باب ان النوم الغالب على السمع ينقض الوضوء.