وأما الآية (٢٧). قلنا أن نمنع ذلك التفسير ، لأنّ فيها احتمالا لغيره. ولو سلّم لكان مجازا.
قوله : قراءة النصب تقتضي الغسل. قلنا : لا نسلّم ، فإنّ العطف على الموضع مستمرّ في الاستعمال ، معروف بين أهل اللسان.
قوله : ننزّل الخفض على مسح الخفّين. قلنا : المسح في الآية متناول للأرجل ، والخفّ لا يسمّى رجلا حقيقة.
قوله : إذا لم يكن بين عطفه على اللفظ وعطفه على الموضع أولويّة صار الدليل محتملا. قلنا : ما ذكرناه أرجح ، لأنّ قراءة الخفض لا تحتمل إلّا المسح ، وقراءة النصب تحتمل الأمرين ، فيكون المصير إلى ما دلّ عليه الخفض أولى تحصيلا لفائدتي القراءتين ، ولأنّ فيه إعمالا لأقرب المذكورين ، وهو أولى باتّفاق أهل الأدب.
قوله في الاعتراض : قد جاء إعمال الأوّل. قلنا : غير مستحسن ولا مطّرد فإنّك لو قلت : أكرمت زيدا وأهنت عمرا وخالدا ، سبق إلى الأذهان دخول خالد في الإهانة ، وسبق أذهان أهل اللسان إلى الشيء دليل على رجحان فائدته.
قوله : ومع التساوي يكون ما ذكرناه أرجح. قلنا : قد بيّنا عدم التساوي.
قوله : إذا عطف الأرجل على الأيدي كان عطف محدود على محدود ، فيكون أنسب ببلاغة الكلام. قلنا : هذا ليس بمعتبر ، لأنّ الأيدي معطوفة على الوجوه مع عدم التحديد اللفظي.
ثمّ نقول : ولو عطفت الأرجل على الرءوس وأحدهما غير محدود ، كما عطفت الأيدي على الوجوه وأحدهما غير محدود ، كانت المناسبة ثابتة ، بل أتمّ ،
__________________
(٢٧) أي آية : فطفق مسحا بالسوق. قال الشيخ في التبيان ج ٣ ص ٤٥٤ : أكثر المفسّرين على أنّ المراد به فطفق ضربا ذهب إليه الفرّاء وأبو عبيدة وقال آخرون : أراد المسح في الحقيقة وأنّه كان مسح أعرافها وسوقها وانّما حمل على الغسل شاذّ منهم.