الإماميّة مجمعة على العمل بما يرويه السكوني وعمّار ومن ماثلهما من الثقات ، ولم يقدح بالمذهب في الرواية مع اشتهار الصدق ، وكتب جماعتنا مملوّة من الفتاوى المستندة إلى نقله ، فلتكن هذه كذلك. ثمّ الخصم يحتجّ بما هو أضعف منها.
قوله : هي منافية لمسائل كثيرة. قلنا : لا نسلّم فإنّه لا شيء من تلك المسائل إلّا ولها وجه تخرج به عن معارضة الرواية.
أمّا طهارة القليل بالجاري ، فلأنّ الاستهلاك يجري مجرى الإعدام ، فلا نقول إنه يطهّر ، ولكن إذا استهلك في الطاهر لم يبق له حكم ، فكان كالبول الذي يستهلكه الماء الجاري.
وأمّا الراكد ، فيقع عليه كرّ ، فإنّ الكرّ الواقع لا ينجس بملاقاة النجاسة فإذا لم يتغيّر بما يقع عليه لم ينجس. والقليل إن بقي ممتازا فهو نجس ، وإذا استهلكه الطاهر كان الحكم للطاهر دونه.
وأمّا ماء البئر قلنا عنه جوابان : أحدهما : أنّا لا نسلّم نجاسته ، فإنّ من الأصحاب (٢٣) من يوجب نزحه تعبّدا لا تطهيرا ، فعلى هذا لا يلزم تطهير النجس. الثاني : أنّا نلزم التنجس ، ونقول : ما المانع أن يكون تنجسه لشبهه بالراكد ، فإذا نزح ، خرج بالنزح إلى حيّز الجاري ، فاستهلك النجاسة بجريته ، فإن قال : لو كان كذلك لما اختلف مقادير النزح. قلنا : لمّا كان المراد قوّة الجرية على النجاسة ، وكانت الأذهان تقصر عن تحقيق ذلك قرّر الشرع من النزح ما يعلم حصول الغرض به بحسب اختلاف تأثير النجاسات.
قوله : الرواية متناقضة. قلنا : لا نسلّم.
__________________
(٢٣) قال في مفتاح الكرامة : في المسألة أقوال : القول الثالث : البقاء على الطهارة ووجوب النزح تعبّد .. وقد نسب هذا القول الى الشيخ في التهذيب في المهذّب البارع .. واستندوا في هذه النسبة الى حكمه بعدم جواز الاستعمال وبعدم وجوب اعادة ما استعمل فيه من الوضوء وغسل الثياب .. انتهى ملخّصا. راجع مفتاح الكرامة ١ ـ ٨١.