وأمّا التحريم فيمكن أن يحتجّ له بوجوه :
الأوّل البيع بالمحاباة نفع وهو مشترط في القرض ، فيجب أن يكون حراما. أمّا أنّه نفع ، فلانّ النفع هو ما يؤدّي إلى سرور أو فائدة مقصودة ، ونحن نتكلّم على هذا التقدير. وأمّا أنّها مشترطة في القرض ، فلانّ الشرط هو العلامة من قولهم : أشراط الساعة ، وكلّ علامة بين الإنسان وغيره فهي شرط ، وإذا كان التقدير إنّه يقرضه ليربحه لا تبرّعا من المقرض (٣٠) ، بل لأنّ الربح في مقابل (٣١) القرض فقد صار علامة بينهما على القرض ، فيكون شرطا ولا يظن (٣٢) أنّ الشرط عبارة عن التلفّظ بقولك : بشرط كذا ، فإنّ هذا الظنّ فاسد.
وإنّما قلنا : إنّه إذا كان كذلك كان حراما لقوله ( وَحَرَّمَ الرِّبا ) (٣٣) والربا هو الزيادة التي لا عوض لها ، ومعلوم أنّ اشتراط المحاباة نفع لا عوض له.
يؤيّد ذلك ما رواه محمّد بن قيس ، قال : من أقرض غيره مالا فلا يشترط إلّا مثل وزنه (٣٤) وقوله عليهالسلام : إذا جرّ القرض نفعا فهو ربا (٣٥).
لا يقال : لفظة الربا يرد عليها ما يرد على لفظة البيع ، لأنّا نجيب من وجهين :
أحدهما أنّا نقول : علّة التحريم في كلّ صورة فرضت من الربا كونها ربا ، فيكون التحريم عامّا ، كما أنّ قوله ( الزّانِيَةُ وَالزّانِي ) (٣٦) يفهم منه العموم من
__________________
(٣٠) في بعض النسخ : المقترض.
(٣١) في بعض النسخ : في المقابلة.
(٣٢) في بعض النسخ : ولا تظنن.
(٣٣) سورة البقرة : ٢٧٥.
(٣٤) الوسائل ١٣ ـ ١٠٦ ، التهذيب ٦ ـ ٢٠٣ مع اختلاف يسير.
(٣٥) رواه أبو الجارود على ما قاله المصنف فيما سيأتي.
(٣٦) سورة النور : ٢.