من قولهم : أجمع على كذا إذا عزم عليه ، فلا يدخل في الإجماع على الحكم إلّا من علم منه القصد إليه كما أنّا لا نعلم مذهب غيرنا من الفقهاء الذين لم ينقل مذاهبهم لدلالة عموم القرآن وإن كانوا تالين له.
لا يقال : العامّ حقيقة في الاستغراق ، وعند إيراده مجرّدا لو لم يعلم القصد لكان المسمع له ملغزا. قلنا : الذي ثبت في الأصول أنّه يجوز إسماع العامّ من لم يسمع الخاصّ ، وإذا جاز أن يسمع غيره عموما ويكون له خصوص لم يسمعه. لم يتيقّن إرادة العموم إلّا بعد العلم بعدم المخصّص ، ولهذا نسمع نحن عمومات القرآن المجيد ، ولا نحكم بإرادة العموم على الجزم إلّا بعد العلم بعدم المخصّص. نعم نحكم بالعموم بعد الاجتهاد وعدم المخصّص بظاهر العموم حكما ظاهرا لا قاطعا.
هذا كلّه مع تقدير عدم الظفر بما يمكن أن يكون مخصّصا ، فكيف وفي الأحاديث والفتاوى ما يدلّ على التخصيص أو يحتمل.
الوجه الثالث : أن نسلّم أنّهم إنّما أجازوا اشتراط القرض في البيع ، لكن لم ينصّوا على أنّ المقرض توصّل بالقرض إلى البيع ، وقد وجد من الأحاديث ما يدلّ على المنع من ذلك ، فيحمل ذلك اللفظ على الجواز ما لم يكن المقرض توصّل به ، توفيقا بين اللفظين ، كما أن كثيرا يطلقون جواز العارية والهبة ولا يلزم من إطلاق ذلك جواز اشتراط أحدهما في عقد القرض.
وأمّا الاستدلال بقوله تعالى ( إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ ) ، فنقول : هذه ليست من ألفاظ العموم ، فهي إذا تصدق بالصورة الواحدة ثمّ نقول : الجواز مشروط بكونه ليس باطلا فلا يثبت الحلّ ما لم ينتف الباطل ويثبت التراضي. ولو قال : الأصل عدم كونه باطلا. قلنا : والأصل بقاء المال على