من أقرض غيره مالا ليجرّ به نفعا فيه روايتان : أحدهما الجواز ، والأخرى المنع ، وهذه الترجمة قد تظهر في صور ، فلنذكر صورة ممّا وقع التجاذب فيه ليتناولها البحث محرّرا فنقول :
من أقرض غيره مالا ليبتاع منه شيئا بأكثر من ثمنه لا على وجه التبرّع من المقترض ، بل على وجه لو قيل للمقرض : لم أقرضت؟ قال : لأكتسب بسبب القرض ، وبحيث لو لم يحابه المقترض لما أقرضه ، هل يجوز ذلك؟ فيه تردّد. ولنذكر ما يحتجّ به لكل واحد من الوجهين.
أمّا الإباحة فيمكن أن يحتجّ لها بوجوه :
الأوّل العقد المذكور بيع ، فيجب أن يكون حلالا لقوله تعالى ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (١) ، واللفظ عام إذ لا معهود هناك.
الثاني وجد في كتب جماعة من الأصحاب ما صورته : ولا بأس أن يبتاع الإنسان من غيره متاعا أو حيوانا أو غير ذلك بالنقد والنسيئة ويشترط أن يسلّفه البائع شيئا في بيع أو يقرضه شيئا معلوما إلى أجل أو يستقرض منه. وتوارد على هذا اللفظ أو معناه الشيخ المفيد والسيّد المرتضى وأبو جعفر الطوسي (٢) وكثير ممّن تابعهم رحمهمالله ، فيجب أن يكون حجّة ، إمّا لأنّه إجماع ، أو لأنّه
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٧٥.
(٢) راجع المقنعة للمفيد ص ٩٦ ، والانتصار للمرتضى كتاب البيع المسألة التاسعة ، ومفتاح الكرامة ٥ ـ ٣٩ وفي الأخير : قال في الخلاف : إذا باع دارا على أن يقرض المشتري ألف درهم أو يقرضه البائع ألف درهم فإنه سائغ وليس بمحظور دليلنا إجماع الفرقة.