بطلت المشيّة المذكورة نطقا.
قوله : « إذا اجتمع الموسّع والمضيّق كان الترجيح لجانب المضيّق » قلنا : هذا كلام غير محصّل ، فإنّه لا يمكن اجتماع الأمرين إلّا إذا لم يكن أحدهما منافيا للآخر ، وإلّا فمع فرض تضيّق أحد الفعلين يستحيل سعة الآخر ، فلا يكون ما فرض موسّعا موسّعا ، لكن لو قال : « إذا نصّ الشرع على فعل بالتوسعة وأمر بآخر مطلقا ، كان المطلق مقدّما على ما نطق بتقدير التوسعة فيه ». منعنا نحن وبيّنّا أنّ ذلك نقض لكونه موسّعا ، وكذا نقول : في صورة النزاع ، فإنّ الحاضرة منصوص على الأمر بها عند الزوال إلى الغسق ، فلو حمل الأمر المطلق على الفورية المانعة من الإتيان بالحاضرة كان ذلك نسخا لمدلول الآية أو تخصيصا بالخبر ، وكلاهما غير جائز.
ثمّ نقول : الظاهر أنّ الفوائت غير مضيّقة ، ويدلّ على ذلك أمران الأوّل : ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام ـ إنّه « إذا ذكرت المغرب والعشاء وقد تضيّق وقت الصبح ابدأ بالصبح ـ ثمّ قال : ـ فأيّهما ذكرت فلا تصلّهما إلّا بعد شعاع الشمس ، قلت : لم ذلك؟ قال : لأنّك لست تخاف فوته » (١٥). ولو كانتا مضيّقتين لما جاز تأخيرهما إلى بعد الشعاع. والثاني : لو كانت الفوائت مضيّقة لما جاز تأخير القضاء مع التمكّن لحظة واحدة وكان يقتصر على ما يمسك الرمق من مأكول ومشروب ويتشاغل بالقضاء ، ولو التزم ذلك كان عمل الناس على خلافه ، إذ لم نر أحدا من فقهاء الإسلام من يفسّق من يصلّي في كل يوم شهرين قضاء وهو قادر على زيادة الصبح ، والتزام ذلك مكابرة.
قوله : « لا نسلّم أنّ العموم القرآني لا يختصّ بخبر الواحد ». قلنا : الدليل على ذلك مذكور في كتب الأصول ، ونزيد هنا وجهين : أحدهما : أنّ الأصحاب بين
__________________
(١٥) الوسائل ٣ ـ ٢١١ الكافي ٣ ـ ٢٩٢ والتهذيب ٣ ـ ١٥٨ والحديث طويل فراجع.