الباقي.
قوله : « كما جاز تخصيصه هناك جاز هنا ». قلنا : الجواز لا عبرة به ، أمّا الوقوع فمفتقر إلى وجود الدلالة وسندلّ على ارتفاعها هنا إذا الموجود هنا خبر واحد أو خبران وهما لا ينهضان لتخصيص الدليل القطعيّ خصوصا مع وجود المعارض لهما.
قوله : « هذا العموم معارض بقوله تعالى ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) (١٤) ». قلنا : لا نسلّم أنّ المراد بها الفوائت ، وتعويله على الرواية ضعيف ، لأنّه استناد في التفسير إلى خبر واحد ، ولو عمل به لزم تخصيص القرآن بخبر الواحد ، ثمّ لو صحّ لم يكن دالا عليه ، لأنّه عليهالسلام استدلّ على وجوب الفائتة به وكما يدلّ على الفائتة يدلّ على الحاضرة ، إذ الصلاة يصحّ أن يراد بها كلا القسمين ، ثمّ نقول : غاية مدلول هذه الآية وجوب إقامة الصلاة عند الذكر ، ونحن فلا ننازع فيه بل إجماع الناس على وجوب قضاء الفائتة عند الذكر ، لكن البحث في هل هو وجوب يمنع من الحاضرة أم لا؟ وذلك ليس في الآية.
قوله ـ على الوجه الأوّل من الاستدلال ـ : « الترجيح حاصل من وجهين : أحدهما : أنّ الفائتة مضيّقة ، لأن الأمر بها مطلق والأمر المطلق للفور ». قلنا : أوّلا لا نسلّم ذلك ، فإنّ الذي نختاره أنّ الأمر لا إشعار فيه بفور ولا تراخ ، وإنّما يعلم أحدهما بدلالة غير الأمر ، سلّمنا أنّه بمجرّده يدلّ على التعجيل. لكن لا نسلّم تجرّده هنا وهذا لأنّ في الحاضرة تنصيصا على التوسعة وتعيين الوقت الأوّل والأخير ، فلا يكون الأمر المطلق دالًّا على الفورية هنا وإلّا لزم إبطال التنصيص على التوسعة ويجري ذلك مجرى أن نقول : « افعل كذا أيّ وقت شئت من هذا النهار وأعط زيدا درهما » ، فإنّه لا يجب تقديم العطيّة على الفعل الآخر وإلّا
__________________
(١٤) سورة طه : ١٤.